للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسرائيل، وكان آدم أول من مات" وهذا غريب جدًّا، وفي إسناده نظر" (١).

ثم أيد ابن كثير هذه الغرابة والضعف بما ساقه من مراسيل الحسن التي تفيد أنه كان يرى أنهما ابني آدم لصلبه، فقال: "وقد قال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن ابني آدم عليه السلام ضُربا لهذه الأمة مثلًا فخذوا بالخير منهما" (٢)، ورواه ابن المبارك عن عاصم الأحول، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ضرب لكم ابني آدم مثلًا فخذوا من خيرهم ودعوا الشر" (٣).

ومن أمثلة ذلك أيضًا: ما روي عن مجاهد في المقصود بقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف: ١٧٥]، قال ابن عطية: "وقال مجاهد: كان رشح للنبوءة وأعطيها، فرشاه قومه على أن يسكت ففعل.

قال القاضي أبو محمد: وهذا قول مردود لا يصح عن مجاهد، ومن أعطي النبوءة فقد أعطى العصمة ولا بد، ثبت هذا بالشرع" (٤).

٥ - اشتراط ثبوت القول عن قائله عند كون المعنى المفسر به مخالفًا للمشهور أو الغالب من معنى الكلمة، أو مخالفًا للسياق.

ومن أمثلة ذلك: ما روي عن الضحاك في معنى قوله تعالى: {وَجاهِدُوْا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: ٧٨]؛ فقد ساق الطبري المعنى المعروف للجهاد من كونه مرادًا به الجهاد في سبيل اللَّه ثم قال: "وقال آخرون: معنى ذلك: اعملوا بالحق حق عمله. وهذا قول ذكره عن الضحاك بعض من في روايته نظر" (٥).

ثم قال: "والصواب من القول في ذلك قول من قال: عني به الجهاد في سبيل اللَّه؛ لأن المعروف من الجهاد ذلك، وهو الأغلب على قول القائل: جاهدت في اللَّه" (٦).

ومن أمثلته أيضًا: ما ذكره ابن عطية عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: ١٧] قال: "وروي عن ابن عباس في قوله: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} يريد به الشرع والدين {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ} يريد به القلوب؛ أي: أخذ النبيل بحظه، والبليد بحظه.


(١) تفسير ابن كثير ٢/ ٤٦.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٤.
(٣) تفسير ابن كثير ٢/ ٤٦.
(٤) المحرر الوجيز ٢/ ٤٧٦، ٤٧٧. وينظر أمثلة أخرى في: تفسير الطبري ٥/ ٤٤.
(٥) تفسير الطبري ١٧/ ٢٠٥.
(٦) تفسير الطبري ١٧/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>