{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله}: لَمّا نزلت هذه الآية: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم}[الأنبياء: ٩٨] قال المشركون: يا محمد، لَتَنتَهِيَنَّ عن سبِّ آلِهتِنا، أو لَنَهْجُوَنَّ ربَّك. فنهاهم الله تعالى أن يسبُّوا أوثانهم (١)[٢٣٦٢]. (ز)
٢٥٨٧٥ - عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- قال: كان المسلمون يسبُّون أصنام الكفار، فيسُبُّ الكفارُ اللهَ. فأنزل الله:{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله}(٢). (٦/ ١٦٩)
٢٥٨٧٦ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: لَمّا حضَر أبا طالب الموتُ قالت قريشٌ: انطلقوا، فلْندخُلْ على هذا الرجل، فلْنأمُرْه أن ينَهى عنّا ابنَ أخيه، فإنّا نستَحْيي أن نقتُلَه بعد موته، فتقول العرب: كان يمنعه، فلمّا مات قتلوه. فانطلق أبو سفيان، وأبو جهل، والنضر بن الحارث، وأُميةُ وأُبيٌّ ابنا خلَف، وعقبةُ بن أبي مُعَيْط، وعمرو بن العاصي، والأسود بن البَخْتَرْي، وبعَثَوا رجلًا منهم يُقال له: المطلب. قالوا: استأذِن لنا على أبي طالب. فأتى أبا طالب، فقال: هؤلاء مشيخةُ قومك يريدون الدخولَ عليك. فأذِن لهم عليه، فدخلوا، فقالوا: يا أبا طالب، أنت كبيرُنا وسيِّدُنا، وإنّ محمدًا قد آذانا، وآذى آلهتنا، فنُحِبُّ أن تدعوَه، فتنهاه عن ذِكْرِ آلهتنا، ولْنَدَعْه وإلهَه. فدعاه، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له أبو طالب: هؤلاء قومُك وبنو عمِّك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما يريدون؟». قالوا: نُريد أن تدعَنا وآلهتنا، ولْندَعْك وإلهك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيتم إن أعطيتُكم هذا هل أنتم مُعْطِيَّ كلمةً إن تكلَّمتُم بها مَلَكْتُم بها العرب، ودانَتْ لكم بها العَجَم الخراج؟». قال أبو جهل: وأبيك، لنُعْطِيَنَّكها وعشرةَ أمثالها، فما هي؟ قال:«قولوا: لا إله إلا الله». فأبَوْا، واشْمَأَزُّوا،
[٢٣٦٢] نقل ابنُ عطية (٣/ ٤٣٧) في نزول الآية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله: «وسببها: أنّ كفار قريش قالوا لأبي طالب: إمّا أن ينتهي محمد وأصحابه عن سبِّ آلهتنا والغضِّ منها، وإمّا نسُبَّ إلهه ونهجوه. فنزلت الآية». ثم علَّق بقوله: «وحكمها على كل حالٍ باقٍ في الأُمَّة، فمتى كان الكافر في مَنَعة، وخيف أن يَسُبَّ الإسلام أو النبي - صلى الله عليه وسلم - والله - عز وجل -؛ فلا يَحِلُّ للمسلم أن يسب دينهم، ولا صلبانهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك أو نحوه».