للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشجرةَ تَدْمَيْنَ في كلِّ هلالٍ، وأمّا أنتِ يا حيَّةُ فأقطعُ قوائِمَك، فتمشين جرًّا على وجهك، وسيشدَخُ رأسَك مَن لَقِيَك بالحجر، {اهبطُوا بعضُكم لبعضٍ عدوٌ} (١) [٢٤٧٠]. (٦/ ٣٤١)

٢٧٢٢٣ - قال مقاتل بن سليمان: {فوسوس لهما الشيطان} يعني: إبليس وحده، {ليبدي لهما ما ووري عنهما} يعني: ما غُطِّي عنهما {من سوآتهما} يعني: لِيُظْهِر لهما عورتَهما، وقال إبليس لهما: إنِّي خُلِقْت قبلكما، وإنِّي أعلمُ منكما، فأطِيعاني تَرْشُدا (٢) [٢٤٧١]. (ز)

٢٧٢٢٤ - عن أبي غُنَيمٍ سعيد بن حُدَيرٍ الحضْرميِّ، قال: لَمّا أسْكَنَ اللهُ آدمَ وحواءَ الجنةَ خرَج آدمُ يطوفُ في الجنة، فاغْتنم إبليسُ غَيْبتَه، فأقبَل حتى بلغ المكان الذي فيه حوّاء، فصفَّر بقصبةٍ معه صفيرًا سَمِعَتْه حوّاء، وبينها وبينه سبعون قُبَّةً، بعضُها في جوفِ بعض، فأَشْرَفَتْ حوّاء عليه، فجعل يُصَفِّرُ صفيرًا لم يَسمع السّامعون بمثلِه من اللذَّةِ والشهوةِ والسَّماع، حتى ما بَقِي مِن حوّاء عُضْوٌ مع آخر إلا تَخَلَّج، فقالت: أنشُدُك بالله العظيم لَما أقْصَرْتَ عنِّي؛ فإنّك قد أهلكتني. فنَزع القَصَبة، ثم قلبها، فصفَّر صفيرًا آخرَ، فجاش البكاءُ والنَّوح والحزنُ بشيءٍ لم يَسْمعِ السامعون بمثلِه، حتى قطَّع فؤادَها بالحزن والبكاء، فقالت: أنشُدُك بالله العظيم لَما أقْصَرْتَ عنِّي. ففعل، فقالت له: ما هذا الذي جئتَ به، أخَذتني بأَمْرِ الفرح، وأخذتني بأَمْرِ


[٢٤٧٠] نقل ابن عطية (٣/ ٥٣٢) روايتين -غير ما ذُكِر- في صورة الوسوسة: الأولى: «روي أنّ آدم وحواء كانا يخرجان خارج الجنة، فيتمَكَّنُ إبليسُ منهما». والثانية: «أنّ الله تعالى أقدره على الإلقاء في نَفْسَيْهِما، فأغواهما، وهو في الأرض». ثم انتقدها مستندًا إلى لفظ القرآن قائلًا: «وهذا قول ضعيف، يَرُدُّه لفظُ القرآن».
[٢٤٧١] نقل ابن عطية (٣/ ٥٣٣) في قوله تعالى: {لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِن سَوْآتِهِما} عن طائفة أنّ «هذه العبارة إنما قُصِد بها أنّها كَشَفَت لهما معانيهما، وما يسوءهما، ولم يقصد بها العورة». ثم انتقد قولهم مستندًا إلى لفظ الآية قائلًا: «وهذا قولٌ كان اللفظ يحتمله، إلا أنّ ذِكْرَ خَصْفِ الورق يردُّه». غير أنّه ذكر لقولهم وجْهًا يمكن أن يُحْمَل عليه، فقال: «إلّا أن يُقَدَّر الضمير في {عَلَيْهِما} عائد على بدنيهما إذ تمزقت عنهما ثياب الجنة، فيصِحُّ القول المذكور».

<<  <  ج: ص:  >  >>