للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بدأكم تعودون}، قال: كما خلقهم أوَّلًا كذلك يعيدهم آخِرًا (١) [٢٤٨٧]. (ز)

٢٧٤١٣ - عن عمر بن أبي معروف، قال: حدَّثني رجلٌ ثقةٌ، في قوله: {كما بدأكُم تعودونَ}، قال: قُلْفًا (٢) بُظْرًا (٣) (٤). (٦/ ٣٦٠)

٢٧٤١٤ - عن مقاتل بن وهب العبديِّ: أنّ تأويلَ هذه الآية: {كما بدأكُم تعُودُون} يكونُ في آخر هذه الأمَّة (٥). (٦/ ٣٦٠)


[٢٤٨٧] أفادت الآثارُ اختلاف المفسرين في معنى: {كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} على قولين: الأول: كما بدأكم أشقياء وسعداء كذلك تبعثون يوم القيامة. وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وجابر، وأبي العالية، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومحمد بن كعب، والسدي. الثاني: كما خلقكم ولم تكونوا شيئًا تعودون بعد الفناء. وهو قول الحسن، وقتادة، وابن عباس من طريق عطية العوفي، ومجاهد، وابن زيد.
ووجَّه ابنُ عطية (٣/ ٥٤٨) القول الأول بقوله: «فالوَقْف في هذا التأويل على قوله: {تَعُودُونَ} غير حسن، و {فَرِيقًا} على هذا التأويل نصبٌ على الحال، والثاني عطف على الأول». ووجَّه (٣/ ٥٤٧) القول الثاني بقوله: «أي: كما أوجدكم واخترعكم كذلك يعيدكم بعد الموت، فالوقف على هذا التأويل على {تَعُودُونَ}، و {فَرِيقًا} نصب على {هَدى}، والثاني منصوب بفعل تقديره: وعذَّب فريقًا أو أضل فريقًا حق عليهم».
ورجَّح ابنُ جرير (١٠/ ١٤٦ - ١٤٧) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الثاني، وعلَّل ذلك بأنّ الله تعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يُعْلِم بما في هذه الآية قومًا مشركين أهل جاهلية، لا يؤمنون بالمعاد، ولا يصدقون بالقيامة، فأمره أن يدعوهم إلى الإقرار بالبعث، والثواب والعقاب، «وإذ كان ذلك كذلك فلا وجه لأن يُؤْمَر بدعاء مَن كان جاحدًا النشور بعد الممات إلى الإقرار بالصفة التي عليها يُنشَر مَن نُشِر، وإنّما يؤمر بالدعاء إلى ذلك مَن كان بالبعث مُصَدِّقًا، فأمّا مَن كان له جاحدًا فإنّما يُدعى إلى الإقرار به، ثم يُعَرَّف كيف شرائط البعث».
ووافقه ابنُ القيم (١/ ٣٨٥)، وانتَقَد القول الأول، فقال: «وهذا المعنى صحيحٌ في نفسه، دلَّ عليه القرآن، والسنة، والآثار السلفية، وإجماع أهل السنة، وأمّا كونه هو المراد بالآية ففيه ما فيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>