للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وافتحوا له بابًا إلى الجنة. فيأتيه من روحها وطيبها، ويُفْسَح له في قبره مَدَّ بصره، ويأتيه رجلٌ حسنُ الوجه، حسنُ الثِّياب، طَيِّبُ الريح، فيقولُ: أبشِرْ بالذي يَسُرُّك، هذا يومُك الذي كنت تُوعَدُ. فيقول له: مَن أنت؟ فوجهُك الوجهُ يجيءُ بالخير. فيقول: أنا عملُك الصالحُ. فيقول: ربِّ، أقِمِ الساعةَ، ربِّ، أقم الساعةَ حتى أرْجِعَ إلى أهلي ومالي». قال: «وإنّ العبد الكافر إذا كان في انقطاعٍ من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكةٌ سودُ الوجوه، معهم المُسُوُحُ، فيجلسون منه مَدَّ البصرِ، ثم يجيءُ مَلَك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيَّتها النفسُ الخبيثةُ، اخرجي إلى سخط من الله وغضب. فتفرَّق في جسده، فينتزعُها كما يُنتَزَع السَّفُّودُ (١) مِن الصوف المبلولِ، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المُسُوح، ويخرج منها كأنتَنِ ريحِ جِيفَةٍ وُجِدَت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يَمُرُّون بها على ملأٍ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروحُ الخبيثُ؟ فيقولون: فلان بن فلان. بأقبح أسمائه التي كان يُسَمّى بها في الدنيا، حتى يُنتهى بها إلى السماء الدنيا، فيُسْتَفْتَحُ فلا يُفْتَحُ له». ثم قرأ رسول ُالله - صلى الله عليه وسلم -: {لا تُفتَّح لهُم أبوابُ السَّماء}. «فيقول الله - عز وجل -: اكتُبوا كتابه في سِجِّين، في الأرض السُّفلى. فتُطْرَح روحُه طَرْحًا». ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {ومن يُشرك بالله فكأنّما خرَّ من السماءِ فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيقٍ} [الحج: ٣١]. «فتُعادُ رُوحُه في جسده، ويأتيه مَلَكان، فيُجلِسانه، فيقولان له: مَن ربُّك؟ فيقول: هاه هاه. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فينادي مُنادٍ من السماء: أن كذب عبدي، فأَفْرِشُوهُ من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار. فيأتيه مِن حرِّها وسَمُومِها، ويُضَيَّق عليه قبرُه حتى تختلفَ فيه أضلاعُه، ويأتيه رجلٌ قبيحُ الوجه، قبيحُ الثياب، مُنتِنُ الِّريح، فيقول: أبشِرْ بالذي يسوءُك، هذا يومك الذي كنت تُوعَد. فيقول: مَن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشرِّ. فيقول: أنا عملك الخبيثُ. فيقول: ربِّ، لا تُقم الساعةَ» (٢). (٦/ ٣٨٦)


(١) السَّفُّودُ والسُّفُّود -بالتشديد-: حديدة ذات شُعَب مُعَقَّفَة، معروف، يُشْوى به اللحم. لسان العرب (سفد).
(٢) أخرجه أحمد ٣٠/ ٤٩٩ - ٥٠٣ (١٨٥٣٤)، ٣٠/ ٥٠٦ (١٨٥٣٥)، ٣٠/ ٥٧٦ - ٥٧٩ (١٨٦١٤، ١٨٦١٥)، وأبو داود ٧/ ١٣١ - ١٣٣ (٤٧٥٣، ٤٧٥٤)، والحاكم ١/ ٩٣ - ٩٤ (١٠٧)، ١/ ٩٥ - ٩٧ (١٠٩ - ١١٤)، ١/ ٩٨ (١١٧).
قال ابن منده في الإيمان ٢/ ٩٦٢ - ٩٦٥ (١٠٦٤): «هذا إسناد متصل مشهور». وقال الحاكم: «هذه الأسانيد التي ذكرتها كلها صحيحة، على شرط الشيخين». قال الهيثمي في المجمع ٣/ ٤٩ - ٥٠ (٤٢٦٦): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>