للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبلكم إنّما يقرءون كتابهم نظرًا، فإذا رفعوها لم يحفظوا منه شيئًا- ولم يعُوه، وإنّ الله أعطاكم -أيتُها الأمةُ- من الحفظ شيئًا لم يُعْطِه أحدًا من الأمم قبلكم، خاصةٌ خصَّكم بها، وكرامةٌ أكرمكم بها-. قال: فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّةُ أحمدَ. قال: ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويُؤْجَرُون عليها -قال قتادة: وكان مَن قبلَكم إذا تصدَّق بصدقة فقُبِلَتْ منه بَعَثَ الله عليها نارًا فأكلتها، وإن رُدَّت تُرِكَت فأكلتها السِّباع والطيرُ، وإنّ الله أخذ صدقاتكم مِن غنيِّكم لفقيركم؛ رحمةً رحمكم بها، وتخفيفًا خَفَّف به عنكم-، فاجعلهم أُمَّتِي. قال: تلك أُمَّةُ أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً إذا همَّ أحدُهم بحسنةٍ ثم لم يعملها كُتبت له حسنةً، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً إذا همَّ أحدُهم بسيئةٍ لم تكتب عليه حتى يعملها، فإن عملها كتبت سيئة واحدةً، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً هم المستجيبون والمُسْتَجابُ لهم، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال قتادة: فذُكِر لنا: أنّ نبيَّ الله موسى نَبَذ الألواح [٢٦٢٨]، وقال: اللهمَّ، إذًا فاجعلني مِن أُمَّة أحمد. قال: فأعطي اثنتين لم يُعطهما أحدٌ: {قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي}. قال: فرضي نبيُّ الله، ثم أُعْطِي الثانية: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} [الأعراف: ١٥٩]. قال: فرضِيَ نبيُّ الله موسى كلَّ الرِّضا (١). (٦/ ٥٧٢)


[٢٦٢٨] انتَقَد ابنُ كثير (٦/ ٣٩٦) قول قتادة مستندًا إلى أنّه أخذه عن بني إسرائيل، فقال: «ظاهر السياق أنّه إنّما ألقى الألواح غضبًا على قومه، وهذا قول جمهور العلماء سلفًا وخلفًا، وروى ابن جرير عن قتادة في هذا قولًا غريبًا، لا يصِحُّ إسناده إلى حكاية قتادة، وقد ردَّه ابن عطية وغير واحد من العلماء، وهو جدير بالرَّدِّ، وكأنّه تلقاه قتادة عن بعض أهل الكتاب، وفيهم كذّابون ووضّاعون وأفّاكون وزنادقة».
كذلك انتقد ابنُ عطية (٤/ ٥٢) قول قتادة، فقال: «وهذا قولٌ رديءٌ، لا ينبغي أن يوصف موسى به».

<<  <  ج: ص:  >  >>