وبيَّن ابنُ جرير (١٠/ ٤٦٣) أنّ قول ابن جريج له وجْه، ثُمَّ انتَقَدَه لظاهر اللفظ، وعمومه، وأقوال السلف، فقال: «ظاهِرُ كتاب الله مع تأويل أكثر أهل التأويل بخلافه؛ وذلك أنّ الله عمَّ بالخبر عمَّن اتخذ العجل أنّه سيناله غضب من ربهم وذِلَّة في الحياة الدنيا، وتظاهرت الأخبار عن أهل التأويل من الصحابة والتابعين بأنّ الله -إذ رَجَع إلى بني إسرائيل موسى- تاب على عَبَدة العجل مِن فِعْلهم بما أخبر به عن قيل موسى لهم في كتابه، وذلك قوله: {وإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ العِجْلَ فَتُوبُوا إلى بارِئِكُمْ فاقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤]، ففعلوا ما أمرهم به نبيهم - عليه السلام -، فكان أمْرُ الله إياهم بما أمرهم به من قَتْل بعضهم أنفُسَ بعض عن غضبٍ منه عليهم لعبادتهم العجل، فكان قَتْلُ بعضهم بعضًا هوانًا لهم، وذلةً أذلهم الله بها في الحياة الدنيا، وتوبةً منهم إلى الله قَبِلَها، وليس لأحد أن يجعل خبرًا جاء الكتاب بعمومه في خاصٍّ مِمّا عمَّه الظاهر بغير برهان من حجةِ خبرٍ أو عقل، ولا نعلم خبرًا جاء يوجب نقل ظاهرِ قوله: {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم} إلى باطنٍ خاصٍّ، ولا مِن العقل عليه دليل، فيجب إحالة ظاهره إلى باطنه». ونقل ابنُ عطية عن بعض المفسرين أن «الذِّلَّة: الجِزْية». ووجَّهه بقوله: «ووجْه هذا القول: أنّ الغضب والذِّلَّة بقيت في عَقِب هؤلاء المقصودين بها أولًا، وكأنّ المراد: سينال أعقابهم».