للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصيدُوه. فكان إذا طلَع الفجرُ يوم السبت أقبَل السَّمَكُ شُرَّعًا إلى الصَّنمين، لا يمتنعُ من آخِذٍ يأخُذُه، فظهَر يومَ السبتِ شيءٌ من السَّمك في القرية، فقالوا: نأخذُه يوم السَّبت، فنأكُلُه يوم الأحد. فلمّا كان يومُ السبت الآخَر ظهَر أكثرُ من ذلك، فلمّا كان السَّبتُ الآخَر ظهَر السَّمكُ في القريةِ، فقام إليهم قومٌ منهم، فوعَظُوهم، فقالوا: اتقُوا الله. فقام آخَرون، فقالوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَومًا الله مُهلِكُهُم أو مُعَذِبُهُم عَذابًا شَدِيدًا قالُوا مَعذِرَةً إلى رَبِكُم ولَعَلَّهُم يَتَّقُونَ}. فلمّا كان سبتٌ من تلك الأسْباتِ فشى السَّمكُ في القرية، فقام الذين نَهَوا عن السُّوءِ فقالوا: لا نبيتُ معكم الليلةَ في هذه القريةِ. فقيل لهم: لو أصبَحتم فانقلَبتُم بذرارِيكم ونسائِكم؟! قالوا: لا نبِيتُ معَكم الليلةَ في هذه القريةِ، فإن أصبَحنا غدَونا، فأخرَجْنا ذرارينا وأمتِعتَنا من بين ظَهرانيكم. وكان القومُ شاتِينَ، فلمّا أمْسَوا أغلَقُوا أبوابَهم، فلمّا أصبَحُوا لم يَسمَعِ القومُ لهم صوتًا، ولم يرَوْا سَرْحًا (١) خرَج من القرية، قالوا: قد أصابَ أهلَ القرية شَرٌّ. فبَعَثوا رجلًا منهم ينظُر إليهم، فلمّا أتى القريةَ إذا الأبوابُ مُغلَقةٌ عليهم، فاطَّلعَ في دار، فإذا هم قُرودٌ كلُّهم؛ المرأةُ أُنثى، والرجلُ ذَكَرٌ، ثم اطَّلَع في دارٍ أُخرى فإذا هم كذلك؛ الصغيرُ صغيرٌ، والكبيرُ كبيرٌ، ورجع إلى القومِ، فقال: يا قوم، نزَل بأهلِ القريةِ ما كنتُم تَحذَرُون، أصبَحُوا قِرَدةً كلُّهم، لا يستَطيعُون أن يفتَحوا الأبوابَ. فدخَلوا عليهم، فإذا هم قردَةٌ كلُّهم، فجعَلَ الرجل يُومِئُ إلى القِردِ منهم: أنتَ فلانٌ؟ فيُومِئُ برأسِه: نعم. وهم يَبكُون، فقالوا: أبعدَكم الله، قد حذَّرناكم هذا. ففتَحُوا لهم الأبوابَ، فخرَجوا، فلَحِقوا بالبَرِّيَّةِ (٢). (٦/ ٦٣٦)

٢٩٢٦٢ - عن الحسن البصري -من طريق أيوب- في قوله: {وسْئَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ} الآية، قال: كان حوتًا حرَّمه الله عليهم في يومٍ، وأحلَّه لهم فيما سوى ذلك، فكان يأتيهم في اليوم الذي حرَّمه الله عليهم، كأنّه المَخاضُ ما يَمتِنعُ من أحد، فجعَلوا يَهُمُّون ويُمسِكون -وقلَّما رأيتُ أحدًا أكثر الاهتمام بالذَّنبِ إلا واقَعَه-، فجعَلوا يَهُمُّون ويُمسِكون حتى أخَذُوه، فأكلوا بها، واللهِ، أوْخَم أكْلَةٍ أكَلَها قومٌ قطُّ؛ أبقاهُ خِزيًا في الدنيا، وأشدَّه عقوبةً في الآخرة، وايْمُ اللهِ، لَلْمُؤْمِنُ أعظمُ حُرمةً عند الله مِن حوت، ولكنَّ الله - عز وجل - جعَل موعدَ قومٍ الساعةَ، والساعةُ أدْهى وأمَرُّ (٣). (٦/ ٦٣٨)


(١) السَّرْحُ: الماشية. النهاية (سرح).
(٢) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٥٣١، وابن جرير ١٠/ ٥٢٣، وابن أبي حاتم ٥/ ١٥٩٩ من طريق مبارك بن فضالة. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>