للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكرمتك إيّاه. قال الله: ارجع، فأخبره أنّه قد أعطى ابنه داود أربعين سنة (١). (ز)

٢٩٤٦٤ - عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جريج، عن الزبير بن موسى، عن سعيد بن جبير- قال: إنّ الله -تبارك وتعالى- ضرب منكبه الأيمن، فخرجت كلُّ نفسٍ مخلوقةٍ للجنة بيضاءَ نقيةً، فقال: هؤلاء أهل الجنة. ثم ضرب منكبه الأيسر، فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء، فقال: هؤلاء أهل النار. ثم أخذ عهودهم على الإيمان والمعرفة له ولأمره، والتصديق به وبأمره؛ بني آدم كلهم، فأشهدهم على أنفسهم، فآمنوا، وصدَّقوا، وعرفوا، وأقَرُّوا. وبلغني: أنّه أخرجهم على كفِّه أمثالَ الخَرْدَل. قال ابن جريج، عن مجاهد بن جبر، قال: إنّ الله لَمّا أخرجهم قال: يا عباد الله، أجيبوا الله -والإجابة: الطاعة-، فقالوا: أطعنا، اللَّهُمَّ، أطعنا، اللَّهُمَّ، أطعنا، اللَّهُمَّ، لبيك. قال: فأعطاها إبراهيمَ - عليه السلام - في المناسك: لبيك اللهم لبيك. قال: ضرب متن آدم حين خلقه. قال: وقال ابن عباس: خلق آدم، ثم أخرج ذريته من ظهره مثل الذر، فكلمهم، ثم أعادهم في صلبه، فليس أحد إلا وقد تكلم فقال: ربي الله. فقال: وكلُّ خَلْقٍ خَلَقَ فهو كائن إلى يوم القيامة، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها (٢) [٢٦٧٦]. (ز)


[٢٦٧٦] رجَّح ابنُ القيم (١/ ٤٢١ - ٤٢٢) تفسير الميثاق بالفطرة؛ مستندًا إلى السنة، ودلالة العقل، وظاهر اللفظ، والنظائر، فقال: «وأحسن ما فسرت به الآية قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه، ويُنَصِّرانه». فالميثاق الذي أخذه سبحانه عليهم، والإشهاد الذي أشهدهم على أنفسهم، والإقرار الذي أقروا به؛ هو الفطرة التي فُطِروا عليها؛ لأنه سبحانه احتج عليهم بذلك، وهو لا يحتج عليهم بما لا يعرفه أحدٌ منهم ولا يذكره، بل بما يشتركون في معرفته والإقرار به. وأيضًا فإنّه قال: {وإذْ أخَذَ ربك منْ بني آدَمَ مِن ظُهورِهمْ ذريتهُمْ} ولم يقل: من آدم، ثم قال: {من ظهورهم}، ولم يقل: من ظهره، ثم قال: {ذريتهم} ولم يقل: ذريته، ثم قال: {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم} وهذا يقتضي إقرارهم بربوبيته إقرارًا تقوم عليهم به الحجة. وهذا إنما هو الإقرار الذي احتج به عليهِم على ألسنة رسله كقوله تعالى: {ولَئنْ سألْتهَمْ منْ خَلَقَهمْ لَيقوِلُن الله} [الزخرف: ٨٧]، {ولَئنْ سَألْتَهُمْ من خَلَقَ السموات والأرْضَ ليَقُولُن الله} [لقمان: ٢٥، والزمر: ٣٨] ... يحتج عليهم بما فُطِروا عليه من الإقرار بربهم وفاطرهم، ويدعوهم بهذا الإقرار إلى عبادته وحده وألّا يشركوا به شيئًا، هذه طريقة القرآن، ومن ذلك هذه الآية ... ولهذا قال في آخرها: {أن تُقولُوا يَوِمَ القيامَة إنا كنا عَن هذا غافلينَ أو تَقُولُوا إنما أشرَكَ آباونا مَن قبل وكنا ذُرية منْ بعْدهم أفتهْلِكُنا بِما فَعَلَ المُبْطَلَونَ}، فاحتج عليهم بما أقرُّوا به من ربوبيته على بطلان شركهم وعبادة غيره، وألّا يعتذروا؛ إمّا بالغفلة عن الحق، وإمّا بالتقليد في الباطل».

<<  <  ج: ص:  >  >>