ورجَّحَ ابنُ جرير (١٠/ ٦٤٢) القولَ الثالثَ استنادًا إلى السياق، وقال مُعَلِّلًا ذلك: «إنّما قلنا ذلك أولى بالصواب لأنّ الله -جلَّ ثناؤُه- أتبع ذلك تعليمَه نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - محاجَّته المشركين في الكلام، وذلك قوله: {قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون}، وعقَّبه بقوله: {وإخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ*وإذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها}، فما بين ذلك بأن يكون من تأديبه نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - في عشرتهم به أشبهُ وأولى من الاعتراض بأمره بأخذ الصدقة من المسلمين». ومالَ ابنُ كثير (٦/ ٤٩٠) إلى القول الأول مستندًا إلى السُّنَّة، فقال: «هذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم جميعًا: حدثنا يونس، حدثنا سفيان -هو ابن عيينة-، عن أُمَيّ، قال: لَمّا أنزل الله - عز وجل - على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بِالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما هذا، يا جبريل؟». قال: إنّ الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك»».