ورجَّحَ ابنُ جرير (١٠/ ٦٥٠ - ٦٥١) قولَ الجمهور مستندًا إلى السياق، فقال: «يقول -تعالى ذِكْرُه-: وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي، يعني بقوله: {يمدونهم}: يزيدونهم، ثم لا ينقُصون عما نقَص عنه الذين اتقوا إذا مسَّهم طائفٌ من الشيطان. وإنّما هذا خبرٌ من الله عن فريقَي الإيمان والكفر بأنّ فريقَ الإيمان وأهلَ تقوى الله إذا استزلهم الشيطان تذكروا عظمةَ الله وعقابه، فكفَّتهم رهبتُه عن معاصيه، وردّتهم إلى التوبة والإنابة إلى الله مِمّا كان منهم زلَّةً، وأنّ فريق الكافرين يزيدهم الشيطان غيًّا إلى غيِّهم إذا ركبوا معصية من معاصي الله، ولا يحجزُهم تقوى الله، ولا خوف المعاد إليه عن التمادي فيها والزيادة منها، فهو أبدًا في زيادة من ركوب الإثم، والشيطان يزيده أبدًا، لا يُقصِر الإنسيُّ عن شيء من ركوب الفواحش، ولا الشيطان من مدِّه منه». ثم قال (١٠/ ٦٥٣): «وإنّما اخترنا ما اخترنا من القول في ذلك على ما بيَّنّاه لأنّ الله وصفَ في الآية قبلها أهلَ الإيمان به، وارتداعَهم عن معصيته وما يكرهه إلى محبته عند تذكرهم عظمته، ثم أتبع ذلك الخبرَ عن إخوان الشياطين وركوبهم معاصيه، وكان الأَوْلى وصفَهم بتماديهم فيها؛ إذ كان عَقِيب الخبر عن تقصير المؤمنين عنها».