للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اذهبْ أنت وربُّك فقاتِلا، إنا هاهنا قاعدون. ولكن اذهب أنت وربُّك فقاتِلا، إنا معكم مقاتلون، فوالذي بعَثك بالحقِّ، لئن سِرْتَ بنا إلى بَرْكِ الغِمادِ لجالَدْنا معك مَن دونَه حتى تبلُغه. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا، ودعا له، وقال له سعد بن معاذ: لو استعرضتَ بنا هذا البحرَ فخضْتَه لخضنا معَك ما تخلَّف منا رجلٌ واحد، وما نكرَهُ أن تلقى بنا عدوَّنا غدًا، إنا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ في اللقاء، لعل الله يُريك منّا ما تَقَرُّ به عينُك، فسِرْ بنا على بركة الله. فسُرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول سعدٍ، ونشَّطه ذلك، ثم قال: «سيروا، وأبشِروا، فإن الله قد وعَدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظرُ إلى مصارعِ القوم» (١). (٧/ ٤٦)

٣٠٢٠٤ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين}، قال: أقبلَت عِيرُ أهل مكة من الشام، فبلَغ أهلَ المدينة ذلك، فخرجوا ومعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريدُ العِير، فبلغ أهلَ مكة ذلك، فأسرعوا السير إليها لكي لا يغلِبَ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، فسبَقتِ العيرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان الله - عز وجل - وعَدَهم إحدى الطائفتين، وكانوا أن يلقَوُا العيرَ أحبَّ إليهم، وأيسرَ شوكة، وأخصرَ نفرًا، فلما سبقتِ العير وفاتتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمسلمين يريدُ القوم، فكَرِه القومُ مسِيرَهم؛ لِشَوْكَة القوم، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون، بينَهم وبينَ الماء رَمْلَةٌ دِعْصَةٌ (٢)، فأصاب المسلمين ضعفٌ شديد، وألقى الشيطانُ في قلوبهم الغيظ، فوسوس بينَهم يوسوسُهم: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسولُه وقد غلَبَكم المشركون على الماء وأنتم تُصَلُّون مُجْنِبين؟! فأمْطَر الله عليهم مطرًا شديدًا، فشَرِب المسلمون وتَطَهَّروا، فأذهب الله عنهم رِجْزَ الشيطان، وأشفَّ (٣) الرملُ من إصابة المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمدَّ الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بأَلْف من الملائكة، فكان جبريل في خمسِمائة من الملائكة مُجَنِّبةً (٤)، وميكائيلُ في خمسِمائة من الملائكة مُجَنِّبةً، وجاء إبليس في جندٍ


(١) أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/ ٦٠٦ - ٦٠٧، ٦١٤ - ٦١٥ - ، ومن طريقه ابن جرير ١١/ ٣٦، ٤١ - ٤٣، من طريق الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا، عن ابن عباس به.
إسناده حسن.
(٢) الدِّعْصَةُ -بكسر الدال-: قطعة من الرمل مستديرة، أو الكثيبُ المجتمع، أو الصغير. القاموس (دعص).
(٣) شفَّ الماء: تقصّى شربَه. اللسان (ش ف ف).
(٤) مُجَنِّبَة الجيش: هي التي تكون في الميمنة والميسرة، وهما مُجَنِّبتان. النهاية (جنب).

<<  <  ج: ص:  >  >>