للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٣٤٢ - عن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -من طريق عكرمة مولى ابن عباس- قال: كنت غلامًا للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، وأسلمَتْ أم الفضل، وأسلمتُ، وكان العباس يهابُ قومه، ويكره خلافهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلَّف عن بدر، وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر كَبَتَه الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعِزًّا، وكنت رجلًا ضعيفًا، وكنت أعمل القِداح (١) وأَنْحَتُها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس أنْحَتُ القِداح، وعندي أم الفضل جالسة، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طُنُبِ (٢) الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري، فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم. فقال أبو لهب: إلَيَّ يا ابن أخي، فعندك الخبر. فجلس إليه والناس قيام عليه، قال: يا ابن أخي، أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء والله إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاءوا، وايم الله مع ذلك ما لُمْت الناس، لقينا رجالًا بيضًا على خيل بُلْقٍ (٣) بين السماء والأرض، لا والله ما تُلِيقُ شيئًا، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع: فرفعت طُنُبَ الحجرة بيدي، ثم قلت: تلك والله الملائكة. قال: فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة، فثاوَرْتُه (٤)، فاحتملني فضرب بي الأرض، ثم برك علي يضربني، وكنت رجلًا ضعيفًا، فقامت أم الفضل إلى عمود من عُمُد الحجرة، فأخذته فضربته به ضربة فَلَقَتْ في رأسه شَجَّةً مُنكَرة، وقالت: تستضعفه أنْ غاب عنه سيده؟ فقام مُوَلِّيًا ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعَدَسَةُ (٥) فقتلته (٦). (ز)

٣٠٣٤٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي زُمَيْلٍ سِماكٍ الحنفي-، قال: بينما


(١) جمع قَدَحٍ، وهو الذي يُؤكل فيه. وقيل: هي جمع قِدْح، وهو السهم الذي كانوا يَسْتّقْسِمون به، أو الذي يُرْمى به عن القوس. النهاية (قدح).
(٢) الطُّنُبُ: أحد أطناب الخيمة، فاسْتعير للطرف والناحية. ينظر: النهاية (طنب).
(٣) البُلْقُ جمع أبْلَق، والبَلَقُ -محركة-: سواد وبياض. القاموس (بلق).
(٤) المثاورة: المواثبة. الصحاح (ثور).
(٥) العَدَسَةُ: هي بَثْرةٌ تُشبه العَدَسَةَ، تخرج في مواضع من الجسد، من جنس الطّاعون، تَقْتُل صاحبها غالبًا. النهاية (عدس).
(٦) تفسير الثعلبي ٤/ ٣٣٤، ٣٣٥، وتفسير البغوي ٣/ ٣٣٥، ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>