تستنصروا {فقد جاءكم الفتح} النصر، يعني: أن الله قد نصر نبيه، {وإن تنتهوا} يعني: عن قتال محمد (١). (ز)
٣٠٤٦٠ - قال مقاتل بن سليمان:{إنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الفَتْحُ}، يقول: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، فقد نصرت من قلتم (٢). (ز)
٣٠٤٦١ - قال محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- فقال الله:{إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}، لقول أبي جهل: اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا نعرف، فأَحِنه الغَداةَ. قال: الاستفتاح: الإنصاف في الدعاء (٣). (ز)
٣٠٤٦٢ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله:{إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}، قال: إن تستفتحوا العذاب، فعذبوا يوم بدر. قال: وكان استفتاحهم بمكة، قالوا:{اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}[الأنفال: ٣٢]. قال: فجاءهم العذاب يوم بدر. وأخبر عن يوم أحد:{وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين}(٤)[٢٧٧١]. (ز)
[٢٧٧١] قال ابن عطية (٤/ ١٥٩ - ١٦٠): «قال بعض المتأولين: هذه الآية مخاطبة للمؤمنين الحاضرين يوم بدر، قال الله لهم: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح}، وهو الحكم بينكم وبين الكافرين، فقد جاءكم وقد حكم الله لكم، {وإن تنتهوا} عَمّا فعلتم من الكلام في أمر الغنائم، وما شجر بينكم فيها، وعن تفاخركم بأفعالكم من قتل وغيره؛ فهو خير لكم، {وإن تعودوا} لهذه الأفعال {نعُد} لتوبيخكم، ثم أعلمهم أن الفئة -وهي الجماعة- لا تغني -وإن كثرت- إلا بنصر الله تعالى ومعونته، ثم آنسهم بقوله وإيجابه أنه مع المؤمنين. وقال أكثر المتأولين: هذه الآية مخاطبة للكفار أهل مكة، وذلك أنه روي أن أبا جهل كان يدعو أبدًا في محافل قريش، ويقول: اللهم أقطعنا للرَّحِم، وآتانا بما لا يعرف؛ فأهلكه، واجعله المغلوب. يريد محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وإياهم، ورُوِي أن قريشًا لما عزموا على الخروج إلى حماية العِير تعلقوا بأستار الكعبة واستفتحوا، وروي أن أبا جهل قال صبيحة يوم بدر: اللهم انصر أحب الفئتين إليك، وأظهر خير الدينين عندك، اللهم أقطعنا للرحم فأَحِنْه الغداة. ونحو هذا، فقال لهم الله: إن تطلبوا الفتح فقد جاءكم، أي: كما ترونه عليكم لا لكم. قال القاضي أبو محمد: وفي هذا توبيخ، ثم قال لهم: {وإن تنتهوا} عن كفركم وغيكم {فهو خير لكم}، ثم أخبرهم أنهم إن عادوا للاستفتاح عاد بمثل الوقعة يوم بدر عليهم، ثم أعلمهم أن فئتهم لا تغني شيئًا وإن كانت كثيرة، ثم أعلمهم أنه مع المؤمنين. وقالت فرقة من المتأولين: قوله: {وإن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} هي مخاطبة للمؤمنين، وسائر الآية مخاطبة للمشركين، كأنه قال: وأنتم الكفار إن تنتهوا فهو خير لكم».