للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٥١٨ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إذا دعاكم لما يحييكم}، قال: هو هذا القرآن؛ فيه الحياة، والثِّقة، والنجاة، والعِصْمَة في الدنيا والآخرة (١). (٧/ ٨٢)

٣٠٥١٩ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، قال: أما {يحييكم} فهو الإسلام، أحياهم بعد موتهم، بعد كفرهم (٢). (ز)

٣٠٥٢٠ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {إذا دعاكم لما يحييكم}، يقول: للحرب الذي أعزكم الله بها بعد الذل، وقواكم بعد الضعف، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم (٣) [٢٧٧٧]. (ز)


[٢٧٧٧] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في قوله تعالى: {إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} على أقوال: الأول: إذا دعاكم للإيمان. وهو قول السدي. الثاني: إذا دعاكم للحق. وهو قول مجاهد. الثالث: إذا دعاكم إلى ما في القرآن. وهو قول قتادة. الرابع: إذا دعاكم إلى الحرب وجهاد العدوّ. وهو قول ابن إسحاق.
ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ١٠٥، ١٠٦) مستندًا إلى السنة القول الثاني، وجعل القول الثالث والرابع داخلَيْن في معنى القول الثاني، فقال: «معناه: استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم الرسول لما يحييكم من الحق. وذلك أن ذلك إذا كان معناه، كان داخلًا فيه الأمر بإجابتهم لقتال العدوّ والجهاد، والإجابة إذا دعاكم إلى حكم القرآن، وفي الإجابة إلى كل ذلك حياة المجيب. أما في الدنيا، فيقال: الذكر الجميل، وذلك له فيه حياة، وأما في الآخرة، فحياة الأَبَد في الجِنان والخلود فيها».
ووجَّه ابنُ عطية (٤/ ١٦٢) الأقوال الثلاثة الأولى، فقال: «وهذا إحياءٌ مستعارٌ؛ لأنه من موت الكفر والجهل». ووجَّه القول الرابع قائلًا: «وهو يُحْيي بالعزة والغلبة والظفر، فَسَمّى ذلك حياة، كما تقول: حَيِيَتْ حال فلان إذا ارتفعت، ويُحيي أيضًا كما يُحيي الإسلام والطاعة وغير ذلك بأنه يؤدي إلى الحياة الدائمة في الآخرة».
ووجَّه ابنُ القيم (١/ ٤٤١) جميع الأقوال، فقال: «وهذه كلها عبارات عن حقيقة واحدة: وهي القيام بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا». وعلَّق على القول الرابع قائلًا: «الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا، وفي البرزخ، وفي الآخرة. أما في الدنيا: فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد. وأما في البرزخ: فقد قال تعالى: {ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أمْواتًا بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبهم يرْزقُونَ} [آل عمران: ١٦٩]. وأما في الآخرة: فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم».
وانتقد ابنُ جرير (١١/ ١٠٦) مستندًا إلى مخالفة ظاهر لفظ الآية القولَ الأول، قائلًا: «وأما قول من قال: معناه: الإسلام، فقولٌ لا معنى له؛ لأن الله قد وصفهم بالإيمان بقوله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ}، فلا وجْه لأن يُقال للمؤمن: استَجِبْ لله وللرسول إذا دعاك إلى الإسلام والإيمان». ثم ذكر بسنده روايتين لحديث أبي هريرة حين دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أُبَيَّ بن كعب وهو يصلي فلم يُجِبْه، فلما انتهى من صلاته اعتذر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يصلي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أفلم تجد فيما أوحي إليّ أن {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ}؟». قال: بلى، يا رسول الله، لا أعود. ثم ذكر (١١/ ١٠٧) بأن في هذا الحديث: «ما يُبِينُ عن أن المعنيَّ بالآية هم الذين يدعوهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما فيه حياتهم بإجابتهم إليه من الحق بعد إسلامهم؛ لأن أُبَيًّا لا شك أنه كان مسلمًا في الوقت الذي قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرنا في هذين الخبرين».ووافقه ابنُ عطية (٤/ ١٦٢).
وزاد ابنُ عطية قولًا عن النقاش أنه قال: «المراد: إذا دعاكم للشهادة». ثم علّق بقوله: «فهذه صلة حياة الدنيا بحياة الآخرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>