للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: يحول بينه وبين المعاصي (١). (ز)

٣٠٥٤٢ - عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: {يحول بين المرء وقلبه}، قال: هي كقوله: {أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: ١٦] (٢) [٢٧٧٨]. (ز)

٣٠٥٤٣ - عن مَعْمَر بن راشد -من طريق عبد الرزاق-، مثله (٣). (ز)

٣٠٥٤٤ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- {واعلموا أن الله، يحول بين المرء وقلبه}، قال: يحول بين الإنسان وقلبه؛ فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه (٤). (ز)

٣٠٥٤٥ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}، قال: عِلمُه يحول بين المرء وقلبه (٥). (٧/ ٨٤)

٣٠٥٤٦ - عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق مَعْمَر-: يحول بين المؤمن وبين الكفر، ويحول بين الكافر وبين الإيمان (٦). (ز)

٣٠٥٤٧ - قال مقاتل بن سليمان: {واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ}، يقول: يحول بين قلب المؤمن وبين الكفر، وبين قلب الكافر وبين الإيمان (٧) [٢٧٧٩]. (ز)


[٢٧٧٨] وجَّه ابنُ عطية (٤/ ١٦٣) معنى قول قتادة قائلًا: «فكأنّ هذا المعنى يحضُّ على المراقبة والخوف لله المُطَّلِعِ على الضمائر».
[٢٧٧٩] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في معنى قوله تعالى: {واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} على أقوال: الأول: يحول بين الكافر والإيمان، وبين المؤمن والكفر. وهو قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، وغيرهم. الثاني: يحول بين المرء وعقله فلا يدري ما يعمل. وهو قول مجاهد. الثالث: يحول بين المرء وقلبه أن يَقْدِر على إيمانٍ أو كفرٍ إلا بإذنه. وهو قول السدي. الرابع: معناه أنه قريب من قلبه لا يخفى عليه شيء أظهره أو أسرَّه. وهو قول قتادة. ورجَّح ابن جرير (١١/ ١١٢) العموم، فذكر «أن الحول بين الشيء والشيء إنما هو الحجز بينهما، وإذا حجز -جلَّ ثناؤه- بين عبدٍ وقلبه في شيءٍ أن يدركه أو يفهمه، لم يكن للعبد إلى إدراك ما قد منع اللهُ قلبَه إدراكَه سبيل، وإذا كان ذلك معناه دخل في ذلك قول من قال: يحول بين المؤمن والكفر، وبين الكافر والإيمان، وقول من قال: يحول بينه وبيْن عقله، وقول من قال: يحول بينه وبين قلبه حتى لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه». ثم ختم كلامه بقوله: «غير أنه ينبغي أن يقال: إن الله عمَّ بقوله: {واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} الخبر أنه يحول بيْن العبد وقلبه، ولم يَخْصُص من المعاني التي ذكرنا شيئًا دون شيء، والكلام مُحْتَمِلٌ كلَّ هذه المعاني، فالخبر على العموم حتى يَخُصَّه ما يجب التسليم له».وذهب ابن القيم (١/ ٤٤٣) إلى القول الرابع بدلالة السياق، فقال بعد أن ذكر قول قتادة: «وكأن هذا أنسب بالسياق؛ لأن الاستجابة أصلها بالقلب، فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب، فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه، فيعلم هل استجاب له قلبه، وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه؟». ثم ذكر وجْه المناسبة بيْن القول الأول ومعنى الآية، فقال: «وعلى القول الأول فوَجْه المناسبة: إنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة، وأبطأتم عنها، فلا تَأْمَنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم، فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة، وعقوبة لكم على تَرْكِها بعد وضوح الحق واستبانته، فيكون كقوله: {ونُقَلِّبُ أفْئِدَتَهُمْ وأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ١١٠]، وقوله: {فَلَمّا زاغُوا أزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، وقوله: {فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِن قَبْلُ} [الأعراف: ١٠١]، ففي الآية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب، وان استجاب بالجوارح».
وانتقد ابنُ عطية (٤/ ١٦٤) القول الأول قائلًا: «وقال المفسرون في ذلك أقوالًا هي أجنبية من ألفاظ الآية، حكاها الطبري، منها: أن الله يحول بيْن المؤمن والكافر، وبيْن الكفر والإيمان، ونحو هذا».
وزاد ابنُ عطية (٤/ ١٦٣ بتصرف) في معنى الآية احتمالين آخرين، الأول: أن يكون المعنى حضّ على المبادرة والاستعجال في الطاعة التي دعاهم للاستجابة لها، فقال: «واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه بالموت والقبض، أي: فبادروا بالطاعات». وعلق عليه قائلًا: «ويلتئم مع هذا التأويل قوله: {وأنه إليه تحشرون} أي فبادروا الطاعات وتزودوها ليوم الحشر». الثاني: «أن يكون المعنى ترجية لهم بأن الله يبدل الخوف الذي في قلوبهم من كثرة العدو فيجعله جرأة وقوة وبضد ذلك الكفار، فإن الله هو مقلب القلوب كما كان قسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال بعض الناس: ومنه لا حول ولا قوة إلا بالله، أي: لا حول على معصية ولا قوة على طاعة إلا بالله».

<<  <  ج: ص:  >  >>