للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس}، قال: يعني: بمكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعه من قريش وحلفائها ومواليها قبل الهجرة (١) [٢٧٨١]. (ز)

٣٠٥٧٩ - عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الرزاق، عن أبيه-: في قوله: {يتخطفكم الناس}، قال: الناسُ إذ ذاك فارس والروم (٢). (٧/ ٨٩)

٣٠٥٨٠ - عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن مَعْقِلٍ- يقول: قرأ: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس} والناس إذ ذاك فارس والروم (٣). (ز)

٣٠٥٨١ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {واذكروا إذ أنتم قليل} الآية، قال: كان هذا الحيُّ أذَلَّ الناس ذُلًّا، وأشقاه عَيْشًا، وأجوعَه بطونًا، وأَعْراه جُلُودًا، وأبينَه ضلالةً، مَكْعُومين (٤) على رأس حجر بين الأسدين فارس والروم، لا واللهِ ما في بلادهم شيءٌ يُحسَدون عليه، مَن عاش منهم عاش شقيًّا، ومَن مات منهم رُدِّيَ في النار، يُؤْكَلون ولا يَأْكُلون، لا واللهِ ما نعلمُ قبيلًا مِن حاضر الأرض يومئذٍ كان أشرَّ مَنزِلًا منهم، حتى جاء الله بالإسلام، فمكَّن به في البلاد، ووسَّع به في الرزق، وجعَلكم به ملوكًا على رِقاب الناس، وبالإسلام أعطى اللهُ ما رأَيْتم، فاشكُروا لله نعمَه؛ فإنّ ربَّكم مُنعِم يحبُّ الشكر، وأهلُ الشكر في مَزِيد مِن الله - عز وجل - (٥) [٢٧٨٢]. (٧/ ٨٨)


[٢٧٨١] وجَّه ابن عطية (٤/ ١٦٧) قول عكرمة قائلًا: «والمأوى على هذا التأويل: المدينة والأنصار. والتأييد بالنصر: وقعة بدر، وما انجرَّ معها في وقتها. والطيبات: الغنائم، وسائر ما فتح الله عليهم به».
[٢٧٨٢] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في من عني بـ {الناس} في قوله تعالى: {أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النّاسُ} على أقوال: الأول: هم كفار قريش. وهو قول عكرمة، وقتادة أو الكلبي أو كليهما. الثاني: هم غير كفار قريش. وهو قول وهب بن منبه، وقتادة من طريق سعيد.
ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ١١٩) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الأول، وعلَّل ذلك قائلًا: «لأن المسلمين لم يكونوا يخافون على أنفسهم قبل الهجرة من غيرهم؛ لأنهم كانوا أدنى الكفار منهم إليهم، وأشدهم عليهم يومئذٍ، مع كثرة عددِهم، وقلة عدد المسلمين».
ووجَّه ابنُ عطية (٤/ ١٦٨) القول الثاني قائلًا: «والناس الذين يخاف تَخَطُّفهم -على هذا التأويل-: فارس والروم. والمأوى -على هذا-: هو النبوة والشريعة. والتأييد بالنصر: هو فتح البلاد وغلبة الملوك. والطيبات: هي نعم المآكل والمشارب والملابس». ثم انتقده مستندًا إلى أحوال النزول بقوله: «وهذا التأويل يَرُدُّه أن العرب كانت في وقت نزول هذه الآية كافرة إلا القليل، ولم تترتب الأحوال التي ذكرها هذا المتأَوِّل». غير أنه ذَكَر له وجْهًا يمكن أن يُحمَل عليه، فقال: «وإنما كان يمكن أن يخاطب العرب بهذه الآية في آخر زمن عمر بن الخطاب، فإن تمثَّل أحد بهذه الآية لحالة العرب فتمثُّلُه صحيح، وأما أن تكون حالة العرب هي سبب الآية فبعيد لِما ذكرناه».

<<  <  ج: ص:  >  >>