[٢٧٨٢] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في من عني بـ {الناس} في قوله تعالى: {أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النّاسُ} على أقوال: الأول: هم كفار قريش. وهو قول عكرمة، وقتادة أو الكلبي أو كليهما. الثاني: هم غير كفار قريش. وهو قول وهب بن منبه، وقتادة من طريق سعيد. ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ١١٩) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الأول، وعلَّل ذلك قائلًا: «لأن المسلمين لم يكونوا يخافون على أنفسهم قبل الهجرة من غيرهم؛ لأنهم كانوا أدنى الكفار منهم إليهم، وأشدهم عليهم يومئذٍ، مع كثرة عددِهم، وقلة عدد المسلمين». ووجَّه ابنُ عطية (٤/ ١٦٨) القول الثاني قائلًا: «والناس الذين يخاف تَخَطُّفهم -على هذا التأويل-: فارس والروم. والمأوى -على هذا-: هو النبوة والشريعة. والتأييد بالنصر: هو فتح البلاد وغلبة الملوك. والطيبات: هي نعم المآكل والمشارب والملابس». ثم انتقده مستندًا إلى أحوال النزول بقوله: «وهذا التأويل يَرُدُّه أن العرب كانت في وقت نزول هذه الآية كافرة إلا القليل، ولم تترتب الأحوال التي ذكرها هذا المتأَوِّل». غير أنه ذَكَر له وجْهًا يمكن أن يُحمَل عليه، فقال: «وإنما كان يمكن أن يخاطب العرب بهذه الآية في آخر زمن عمر بن الخطاب، فإن تمثَّل أحد بهذه الآية لحالة العرب فتمثُّلُه صحيح، وأما أن تكون حالة العرب هي سبب الآية فبعيد لِما ذكرناه».