للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: الجنُّ، قال: ولن يُخبِّلَ الشيطانُ إنسانًا في دارِه فرسٌ عتيق (١). (٧/ ١٨٦)

٣١٢٢٨ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {وآخرين من دونهم}، قال: أهلُ فارس (٢). (٧/ ١٨٧)

٣١٢٢٩ - قال مقاتل بن سليمان: {وآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ} يقول: لا تعرفهم يا محمد، يقول: وتُرْهِبون فيما استعددتم به آخرين من دون كفار العرب، يعني: اليهود، لا تعرفهم يا محمد، {اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} يقول: الله يعرفهم، يعني: اليهود (٣). (ز)

٣١٢٣٠ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- في قوله: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم} قال: يعني: المنافقين، {الله يعلمهم} يقول: الله يعلمُ ما في قلوبِ المنافقين من النفاقِ الذي يُسِرُّون (٤). (٧/ ١٨٦)

٣١٢٣١ - عن سفيان [بن عيينة]، في قوله: {وآخرين من دونهم}، قال: قال ابنُ اليمان: هم الشياطينُ التي في الدُّورِ (٥). (٧/ ١٨٧)

٣١٢٣٢ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {فَإمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَن خَلْفَهُمْ} [الأنفال: ٥٧]، قال: أخِفهم بِهم لِما تَصْنَعُ بهؤلاء. وقرأ: {وآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} (٦). (ز)

٣١٢٣٣ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم}، قال: هؤلاء المنافقون، لا تعلمونهم؛ لأنهم معَكم، يقولون: لا إله إلا الله، ويغزُون معكم (٧) [٢٨٥٧]. (٧/ ١٨٦)


[٢٨٥٧] اختلف في هؤلاء الآخرين مَن هم وما هم؟ على أقوال؛ الأول: هم بنو قريظة. والثاني: من فارس. والثالث: المنافقون. والرابع: قوم من الجن. ورجَّح ابن جرير (١١/ ٢٤٩ - ٢٥٠) مستندًا إلى ظاهر لفظ الآية والدلالات العقلية القولَ الأخير الذي قاله ابن اليمان، وابن عباس، وسليمان بن موسى، وانتقد البقية، وذلك أن الله قال: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم}، ولا شك أن المؤمنين كانوا عالمين بعداوة قريظة وفارس لهم؛ فالأولى أن ينصرف المعنى إلى جنس آخر من غير بني آدم لا يعلمون أماكنهم وأحوالهم. وقيل: إن صهيل الخيل يُرْهِب الجن، وإن الجنَّ لا تقرب دارًا فيها فرس. ثم قال: «فإن قال قائل: فإن المؤمنين كانوا لا يعلمون ما عليه المنافقون، فما تنكر أن يكون عُنِي بذلك المنافقون؟ قيل: فإن المنافقين لم يكن تَرُوعُهم خيل المسلمين ولا سلاحهم، وإنما كان يَرُوعُهم أن يظهر المسلمون على سرائرهم التي كانوا يستسرون من الكفر، وإنما أمر المؤمنون بإعداد القوة لإرهاب العدو، فأما من لم يرهبه ذلك، فغير داخل في معنى من أمر بإعداد ذلك له المؤمنون».وذكر ابن عطية (٤/ ٢٢٩) أن ما رجحه ابن جرير مُحْتَمِلٌ، ثم انتقده مستندًا إلى الدلالات العقلية، فقال: «وكان الأهم في هذه الآيات أن يَبْرُزَ معناها في كل ما يُقَوّي المسلمين على عدوهم من الإنس، وهم المحاربون والذين يدافعون على الكفر، ورهبتهم من المسلمين هي النافعة للإسلام وأهله، ورهبة الجن وفزعهم لا غناء له في ظهور الإسلام، وهو أجنبي جدًّا، والأولى أن يتأول المسلمين إذا ظهروا وعَزُّوا هابَهم من جاورهم من العدو المحارب لهم، فإذا اتَّصَلَتْ حالهم تلك بمن بعد من الكفار داخلته الهيبة، وإن لم يقصد المسلمون إرهابهم، فأولئك هم الآخرون».وعلَّق على الاختلاف في قوله: {وآخرين} بقوله: «وهذا الخلاف إنما ينبغي أن يترتب على ما يتوجه من المعنى في قوله: {لا تَعْلَمُونَهُمُ}، فإذا حملنا قوله: {لا تَعْلَمُونَهُمُ} على عمومه، ونفينا علم المؤمنين بهذه الفرقة المشار إليها جملة واحدة، وكان العلم بمعنى المعرفة لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، لم يثبت من الخلاف في قوله: {آخَرِينَ} إلا قول من قال: الإشارة إلى المنافقين، وقول من قال: الإشارة إلى الجن، وإذا جعلنا قوله: {لا تَعْلَمُونَهُمُ} مُحارِبين أو نحو هذا مما تفيد به نفي العلم عنهم حسنت الأقوال، وكان العلم متعديا إلى مفعولين».
ثمَّ رجَّح الاحتمال الثاني، فقال: «وهذا الوجه أشبه عندي». ولم يذكر مستندًا.
ورجَّح ابنُ كثير (٩/ ١١٢) القول بأنهم المنافقون الذي قاله مقاتل، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، مستندًا إلى القرآن، فقال: «وهذا أشبه الأقوال، ويشهد له قوله: {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة: ١٠١]».
وذكر ابنُ عطية (٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠) أنه يحسن أن يُقَدَّر قوله: {لا تَعْلَمُونَهُمُ} بمعنى: لا تعلمونهم فازعين راهبين، ولا تظنون ذلك بهم، والله تعالى يعلمهم بتلك الحالة، ثم قال: «ويحسن أيضًا أن تكون الإشارة إلى المنافقين على جهة الطعن عليهم، والتنبيه على سوء حالهم، وليستريب بنفسه كل من يعلم منها نفاقًا إذا سمع الآية، ولفزعهم ورهبتهم غناء كثير في ظهور الإسلام وعلوه».

<<  <  ج: ص:  >  >>