صُلْحٍ يصالِحُ به المسلمون المشركين يَتوادَعون به، فإن براءة جاءت بنسخ ذلك، فأُمِر بقتالِهم قبلَها على كلِّ حال حتى يقولوا: لا إله إلا الله (١)[٢٨٦٠]. (٧/ ١٨٨)
٣١٢٧٦ - عن إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله:{وإن جنحوا للسلم} الآية، قال: نسخَتْها: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم} إلى آخر الآية [محمد: ٣٥](٢). (٧/ ١٨٧)
٣١٢٧٧ - عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال:{وإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فاجْنَحْ لَها}، فنسختها الآية التي في براءة: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حَتّى
[٢٨٦٠] انتقد ابن جرير (١١/ ٢٥٣ - ٢٥٤ بتصرف) القولَ بالنسخ مستندًا إلى عدم التعارض مبينًا أنه: «قول لا دلالة عليه من كتاب، ولا سنة، ولا فطرة عقل. وقد دَلَلْنا على أنّ الناسخ لا يكون إلا ما نفى حُكْمَ المنسوخ من كل وجه، فأما ما كان بخلاف ذلك فغير كائن ناسخًا. وقول الله في براءة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: ٥] غير نافٍ حكمُه حكمَ قوله: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}؛ لأن قوله: {وإن جنحوا للسلم} إنما عني به بنو قريظة، وكانوا يهودًا أهل كتاب، وقد أذن الله -جل ثناؤه- للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحرب على أخذ الجزية منهم. وأما قوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان الذين لا يجوز قَبُول الجزية منهم، فليس في إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه».وانتقده ابن كثير (٧/ ١١٤) أيضًا مستندًا إلى عدم التعارض، فقال: «لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك، فأما إذا كان العدو كثيفًا فإنه تجوز مهادنتهم، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية، فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص».وذكر ابن عطية (٤/ ٢٣١ - ٢٣٢) أنّ عدم النسخ محتمل، ثم علَّق بقوله: «وقول الجماعة [يعني: من قالوا بالنسخ] صحيح أيضًا؛ إذْ كان الجنوح إلى سلْم العرب مستقرًا في صدر الإسلام، فنسخت ذلك آية براءة، ونبذت إليهم عهودهم».وحكى أيضًا (٤/ ٢٣٢) قولًا لابن عباس بنسخ هذه الآية بقوله تعالى: {فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [آل عمران: ١٣٩]، وانتقده مستندًا لأحوال النزول، فقال: «وهذا قول بعيد من أن يقوله ابن عباس?؛ لأن الآيتين مدنيتان».