للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«انْهَزَموا، وربِّ الكعبة». فذَهَبتُ أنظُرُ، فإذا القتالُ على هيئته فيما أرى، فما هو إلا أن رماهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحَصَياته، فما زلتُ أرى حَدَّهم كَلِيلًا، وأمْرَهم مُدْبِرًا حتى هَزَمَهم اللهُ - عز وجل - (١). (٧/ ٢٩٧)

٣٢٠١٨ - عن أبي عبد الرحمن الفهري، قال: كُنّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حُنَيْن، فسِرْنا في يوم قائِظٍ شديدِ الحَرِّ، فنزلنا تحت ظِلال الشَّجَر، فلَمّا زالتِ الشمسُ لَبِستُ لَأْمَتي، ورَكِبتُ فرسي، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في فُسطاطِه، فقلتُ: السلامُ عليك -يا رسول الله- ورحمةُ الله، قد حان الرَّواحُ؟ قال: «أجل». ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا بلالُ». فثار مِن تحت سَمُرَةٍ كأن ظِلَّه ظِلُّ طائر، فقال: لبَّيْك وسَعْديْك، وأنا فِداؤُك. ثم قال: «أسْرِجْ لي فرسي». فأتاه بدَفَّتَيْن مِن لِيفٍ ليس فيهما أشَرٌ ولا بَطَرٌ. قال: فرَكِب فرسَه، ثُمَّ سِرْنا يَوْمَنا، فلَقِينا العدُوَّ، وتَشامَّتِ (٢) الخَيْلان، فقاتَلْناهم، فولّى المسلمون مُدْبِرين كما قال الله - عز وجل -، فجعَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا عبادَ الله، أنا عبدُ الله ورسولُه، يا أيها الناس، إلَيَّ، أنا عبد الله ورسوله». فاقْتَحَم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرسه. وحَدَّثني مَن كان أقْرَبَ إليه مِنِّي: أنّه أخذ حَفْنَةً مِن تراب، فحَثاها في وُجُوهِ القوم، وقال: «شاهَتِ الوُجُوه». قال يعلى بن عطاء: فأخْبَرَنا أبناؤُهم عن آبائِهم أنّهم قالوا: ما بَقِيَ مِنّا أحدٌ إلا امْتَلَأَتْ عَيناهُ وفَمُه مِن التراب، وسَمِعْنا صَلْصَلَةً من السماء كمَرِّ الحديد على الطَّسْت الحديد، فهزمهم اللهُ - عز وجل - (٣). (٧/ ٢٩٥)

٣٢٠١٩ - عن سَلَمَة بن الأَكْوَع، قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُنينًا، فلمّا واجَهْنا العدوَّ تقدَّمتُ فأَعْلُو ثَنِيَّةً، فاستقبلني رجلٌ مِن العدو، فأرْميه بسهم، فتوارى عنِّي، فما دَرَيْتُ ما صَنَع، فنظرتُ إلى القوم فإذا هم قد طلَعوا مِن ثَنِيَّةٍ أخرى، فالتقَوا هُم وأصحابَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنا مُتَّزِرٌ، وأرْجِعُ منهزمًا، وعَلَيَّ بُرْدتان مُتَّزِرًا بإحداهما، مُرْتَديًا بالأخرى، فاستَطْلَقَ إزاري، فجمَعتُهما جميعًا، ومررتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) أخرجه مسلم ٣/ ١٣٩٨ (١٧٧٥) بنحوه، وأحمد ٣/ ٢٩٦ - ٢٩٧ (١٧٧٥) واللفظ له.
(٢) تشامّت: قرُب بعضها من بعض كأنها تشمّ بعضها بعضًا. النهاية (شمم).
(٣) أخرجه أحمد ٣٧/ ١٣٤ - ١٣٥ (٢٢٤٦٧)، وأبو داود ٧/ ٥١٨ - ٥١٩ (٥٢٣٣)، والبزار -كما في كشف الأستار ٢/ ٣٥٠ (١٨٣٣) - واللفظ له.
قال أبو داود: «أبو عبد الرحمن الفهري ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيلٌ جاء به حمّاد بن سلمة». وقال الهيثمي في المجمع ٦/ ١٨١ - ١٨٢ (١٠٢٧٢): «رواه البزار، والطبراني، ورجالهما ثقات». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٥/ ٢٥٠ - ٢٥١ (٤٦١٦): «هذا إسناد صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>