للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الأنصار، فقال: «هل معكم غيركم؟». فقالوا: يا نبيَّ الله، واللهِ، لو عَمَدْتَ إلى بَرْكِ الغِماد (١) مِن ذي يَمَنٍ لَكُنّا معك. ثم أنزل الله نصرَه، وهزم عدوَّهم، وتراجع المسلمون. قال: وأخذ رسولُ الله كفًّا مِن تراب، أو قبضة من حَصْباء، فرمى بها وجوهَ الكفار، وقال: «شاهَتِ الوجوهُ». فانهزموا. فلمّا جمع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الغنائمَ، وأتى الجِعْرانَة، فقسم بها مَغانِمَ حنين، وتَأَلَّف أُناسًا مِن الناس، فيهم أبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس، فقالت الأنصار: أمِنَ الرجلُ وآثَرَ قومَه. فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قُبَّةٍ له مِن أدَم (٢)، فقال: «يا معشر الأنصار، ما هذا الذي بلغني؟! ألم تكونوا ضُلّالًا فهداكم الله، وكنتم أذِلَّةً فأعَزَّكم الله، وكنتم، وكنتم؟!». قال: فقال سعد بن عبادة: ائْذَن لي فأَتَكَلَّم. قال: «تكلم». قال: أمّا قولك: «كُنتم ضُلّالًا فهداكم الله» فكُنّا كذلك، «وكنتم أذلة فأعزكم الله» فقد علمت العرب ما كان حَيٌّ مِن أحياءِ العرب أمنعَ لِما وراء ظهورهم مِنّا. فقال عمر: يا سعدُ، أتدري مَن تُكَلِّم؟! فقال: نعم، أُكَلِّم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لو سَلَكَتِ الأنصارُ وادِيًا والناسُ وادِيًا لَسَلَكْتُ واديَ الأنصار، ولولا الهجرةُ لكنتُ امْرَأً مِن الأنصار». وذُكِر لنا: أنّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «الأنصار كرشي وعيبتي (٣)، فاقْبَلُوا مِن مُحسِنهم، وتجاوزوا عن مُسِيئهم». ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الأنصار، أما تَرْضَوْن أن ينقلِبَ الناسُ بالإبِل والشّاءِ، وتنقلبون برسول الله إلى بيوتكم؟». فقالت الأنصار: رضينا عن اللهِ ورسوله، واللهِ، ما قلنا ذلك إلا ضَنًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ اللهَ ورسولَه يُصَدِّقانِكم ويَعْذُرانِكم» (٤). (ز)

٣٢٠٢٢ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ أُمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أرضعته أو ظِئْرَه مِن بني سعد بن بكر أتَتْهُ، فسَأَلَتْهُ سبايا يومَ حُنَيْن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لا أملكهم، وإنّما لي منهم نصيبي، ولكن ائْتِيني غدًا فسليني والناسُ عندي، فإنِّي إذا أعطيتُكِ نصيبي أعطاكِ الناسُ». فجاءت الغدَ، فبسط لها


(١) بَرك الغماد -بفتح الباء وكسرها، وضم الغين وكسرها-: موضع باليمن. وقيل: موضع وراء مكة بخمس ليالٍ مما يلي البحر. النهاية (برك)، واللسان (غمد)، ومعجم البلدان ١/ ٣٩٩.
(٢) آَدَم: جِلْد. النهاية (أدم).
(٣) كرشي وعيبتي: خاصَّتي وموضع سِرِّي. النهاية (عيب) (كرش).
(٤) أخرجه ابن جرير ١١/ ٣٨٧ - ٣٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>