للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عُزَيرٌ ابن الله. لأنّهم ظهرت عليهم العمالقةُ، فقتلوهم، وأخذوا التوراةَ، وهرب علماؤهم الذين بَقُوا، فدفنوا كتب التوراة في الجبال، وكان عُزَيرٌ يتعبَّدُ في رءوس الجبال، لا ينزِلُ إلّا في يوم عيدٍ، فجعل الغلامُ يبكي، ويقول: ربِّ، تركتَ بني اسرائيل بغير عالِم. فلم يزل يبكيهم حتى سقط أشفارُ عينَيه، فنزل مرةً إلى العيد، فلمّا رجع إذا هو بامرأةٍ قد مثَلَت له عند قبرٍ من تلك القبور تبكي، وتقول: يا مُطْعِماه، يا كاسِياه. فقال لها: ويحَكِ! مَن كان يُطْعِمُكِ أو يَكْسُوكِ أو يَسْقِيكِ قبلَ هذا الرجل؟ قالت: الله. قال: فإنّ اللهَ حيٌّ لم يَمُتْ. قالت: يا عزيرُ، فمَن كان يُعلِّمُ العلماءَ قبل بني اسرائيل؟ قال: الله. قالت: فلِمَ تبكي عليهم؟! فلمّا عرَف أنه قد خُصِمَ ولّى مُدْبِرًا، فدعَته، فقالت: يا عُزيرُ، إذا أصبحت غدًا فائتِ نهَرَ كذا وكذا، فاغتسِلْ فيه، ثم اخرُجْ، فصَلِّ ركعتين، فإنّه يأتيك شيخٌ، فما أعطاك فخُذْه. فلمّا أصبَح انطَلق عزيرٌ إلى ذلك النهَر، واغتَسَلْ، ثم خرَج، فصلّى ركعتين، فأتاه شيخٌ، فقال: افتحْ فمَك. ففتَح فمَه، فألقى فيه شيئًا كهيئة الجمرة العظيمة، مجتمِعٌ كهيئة القوارير، ثلاثَ مراتٍ، فرجَع عزيرٌ وهو من أعلم الناس بالتوراة، فقال: يا بني إسرائيل، إنِّي قد جئتُكم بالتوراة. فقالوا: ما كُنتَ كذّابًا! فعمَد فربَط على كلِّ أُصبُعٍ له قلمًا، ثم كتب بأصابعه كلِّها، فكتب التوراة، فلمّا رجع العلماءُ أُخبِروا بشأن عُزَيْرٍ، واستخرَج أولئك العلماءُ كُتبَهم التي كانوا دفنوها من التوراة في الجبال، وكانت في خَوابي (١) مدفونةٍ، فعرضوها بتوراة عُزَيرٍ، فوجَدوها مثلها، فقالوا: ما أعطاكَ اللهُ إلّا وأنت ابنُه (٢). (٧/ ٣٢٠)

٣٢١٤٥ - عن محمد ابن شهاب الزهريِّ، قال: كان عُزَيْرٌ يقرأُ التوراةَ ظاهرًا، وكان قد أُعطِي مِن القوة ما إن كان لَينْظُرُ البدرَ في شرَفِ السَّحاب، فعند ذلك قالت اليهود: عزيرٌ ابن الله (٣). (٧/ ٣٢٠)

٣٢١٤٦ - قال مقاتل بن سليمان: {وقالت اليهود عزير ابن الله}، وذلك أنّ اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى، فرفع الله عنهم التوراة، ومحاها من قلوبهم، فخرج عزيرٌ يسيح في الأرض، فأتاه جبريل - عليه السلام -، فقال له: أين تذهب؟ قال: لطلب العلم. فعلَّمه جبريلُ التوراةَ كلها، فجاء عزير بالتوراة غضًّا إلى بني إسرائيل، فعلّمهم،


(١) خَوابي: جمع خابية وهي الحُبَّ، والحُبُّ: الجَرَّة الضخمة التي يُجعل فيها الماء. اللسان (خبأ) و (حبب).
(٢) أخرجه ابن جرير ١١/ ٤١٠ - ٤١١، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٨١ - ١٧٨٢.
(٣) عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>