للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٣٢٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق يوسف بن مهران- {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، قال: في الشهورِ كُلِّها (١).

(٧/ ٣٤٦)

٣٢٣٢٤ - عن الحسن بن محمد بن علي -من طريق قيس بن مسلم- {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، قال: لا تَحْرِمُوهُنَّ كحرمتهم (٢). (ز)

٣٢٣٢٥ - عن الحسن البصري -من طريق قيس بن مسلم- {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، قال: ظُلْمُ أنفسِكم: أن لا تُحَرِّمُوهُنَّ كحُرْمَتِهِنَّ (٣). (ز)

٣٢٣٢٦ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، قال: إنّ الظُّلْمَ في الشهرِ الحرامِ أعظمُ خطيئةً ووزرًا مِن الظُّلمِ فيما سواه، وإن كان الظُّلمُ على كلِّ حالٍ عظيمًا، ولكن اللهَ يُعظِّمُ من أمرِه ما شاء. وقال: إنّ الله اصطفى صفايا مِن خلقِه؛ اصطفى مِن الملائكةِ رُسُلًا، ومِن الناسِ رُسُلًا، واصطفى مِن الكلامِ ذِكْرَه، واصطفى مِن الأرضِ المساجدَ، واصطفى مِن الشهورِ رمضانَ، واصطفى مِن الأيام يومَ الجمُعة، واصطفى مِن الليالي ليلةَ القدر، فعَظِّموا ما عظَّم الله، فإنّما تُعَظَّمُ الأمورُ لِما عظَّمها اللهُ به عندَ أهلِ الفهمِ والعقل (٤). (٧/ ٣٤٦)

٣٢٣٢٧ - قال مقاتل بن سليمان: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، يعني: في الأشهر الحرام، يعني بالظلم: ألّا تقتلوا فيهِنَّ أحدًا مِن مشركي العرب، إلا أن يبدءوا بالقتل (٥). (ز)

٣٢٣٢٨ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا} إلى قوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، أي: لا تجعلوا حرامها حلالًا، ولا حلالها حرامًا، كما فعل أهل الشرك، فإنّما النَّسيء الذي كانوا يصنعون من ذلك {زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا} الآية (٦) [٢٩٣٨]. (ز)


[٢٩٣٨] اختُلِف في عود الضمير في قوله تعالى: {فيهن} على قولين: أحدهما: أنّ الضمير يعود على الاثني عشر شهرًا، والمعنى: فلا تظلموا في الأشهر كلِّها أنفسكم. وثانيهما: أنّ الضمير يعود على الأشهر الأربعة، والمعنى: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة الحُرُم أنفسكم. وهذا قول قتادة. أو فلا تظلموا -في تصييركم حرامَ الأشهر الأربعة حلالًا، وحلالها حرامًا- أنفسَكم. وهذا قول الحسن بن محمد، ومحمد بن إسحاق.
ورجَّحَ ابنُ جرير (١١/ ٤٤٦) عودَ الضمير على الأشهر الأربعة استنادًا إلى الأشهر، والأفصحِ لغة، فقال: «أولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب: قولُ مَن قال: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باستحلال حرامها؛ فإنّ الله عظَّمها وعظَّم حرمتها. وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب في تأويله لقوله: {فلا تظلموا فيهن}، فأخرج الكناية عنه مُخْرَج الكناية عن جمع ما بين الثلاثة إلى العشرة. وذلك أنّ العرب تقول فيما بين الثلاثة إلى العشرة -إذا كَنَتْ عنه-: فعلنا ذلك لثلاث ليال خلون، ولأربعة أيام بقين. وإذا أخبرت عما فوق العشرة إلى العشرين قالت: فعلنا ذلك لثلاث عشرة خلت، ولأربع عشرة مضت. فكان في قوله -جل ثناؤه-: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، وإخراجِه كناية عدد الشهور التي نهى المؤمنين عن ظلم أنفسهم فيهن مخرج عدد الجمع القليل من الثلاثة إلى العشرة، الدليلُ الواضح على أن الهاء والنون من ذكر الأشهر الأربعة، دون الاثني العشر؛ لأنّ ذلك لو كان كناية عن الاثني عشر الشهر؛ لكان: فلا تظلموا فيها أنفُسكم». ثُمَّ قال (١١/ ٤٤٧ - ٤٤٨ بتصرف) عن القولِ الأول: «ذلك وإن كان جائزًا فليس الأفصحَ الأعرفَ في كلام العرب، وتوجيهُ كلام الله إلى الأفصح الأعرف أوْلى مِن توجيهه إلى الأنكر. فإن قال قائل: فإن كان الأمرُ على ما وصفتَ فقد يجب أن يكون مباحًا لنا ظُلْم أنفسِنا في غيرهن مِن سائر شهور السنة؟ قيل: ليس ذلك كذلك، بل ذلك حرامٌ علينا في كل وقتٍ وزمانٍ، ولكنَّ الله عظَّم حُرْمَة هؤلاء الأشهر، وشرَّفهن على سائر شهور السنة، فخصّ الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصّهن بالتشريف، وذلك نظيرُ قوله: {حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسْطى} [البقرة: ٢٣٨]، ولا شك أنّ الله قد أمرنا بالمحافظة على الصلوات المفروضات كلها بقوله: {حافظوا على الصلوات}، ولم يُبِح تَرْك المحافظة عليهنَّ بأمره بالمحافظة على الصلاة الوسطى، ولكنه -تعالى ذِكْرُه- زادَها تعظيمًا، وعلى المحافظة عليها توكيدًا، وفي تضييعها تشديدًا. فكذلك ذلك في قوله: {منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم}».

<<  <  ج: ص:  >  >>