للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نِشاطًا، وغير نِشاط (١). (ز)

٣٢٤٧١ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَير بن معروف- في قوله: {انفروا خفافا وثقالا}، قال: شُبّانًا، وكهولًا (٢). (ز)

٣٢٤٧٢ - قال أبو عمرو الأوزاعيّ -من طريق الوليد-: إذا كان النفر إلى دروب الشام نفر الناس إليها خفافا ركبانا، وإذا كان النفر إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافًا وثقالًا؛ ركبانًا ومُشاةً (٣) [٢٩٥٩]. (ز)

٣٢٤٧٣ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {انفروا خفافا وثقالا}، قال: الثقيلُ الذي له الضَّيْعة، فهو ثقيل يكره أن يضيع ضيعته، ويخرج، والخفيفُ الذي لا ضَيْعَة له، فقال الله: {انفروا خفافا وثقالا} (٤) [٢٩٦٠]. (ز)


[٢٩٥٩] علَّقَ ابنُ كثير (٧/ ٢٠٨) على قول الأوزاعيّ هذا بقوله: «هذا تفصيل في المسألة».
وعلَّقَ ابنُ عطية (٤/ ٣١٩ - ٣٢٠) على قول الأوزاعيِّ، وقول آخر مفاده: أنّ الخفيف هو الشجاع، والثقيل هو الجبان. فقال: «هذان الوجهان الآخران ينعكسان، وقد قيل ذلك، ولكنه بحسب وطأتهم على العدو، فالشجاع هو الثقيل، وكذلك الفارس، والجبان هو الخفيف، وكذلك الراجل، وكذلك ينعكس الفقير والغني، فيكون الغني هو الثقيل، بمعنى: صاحب الشغل، ومعنى هذا: أنّ الناس أُمِروا جملة».
[٢٩٦٠] اختُلِف في معنى الخِفَّة والثّقَل اللَّذَيْن أمر الله بهما في الآية على ستّة أقوال: أولها: أنّ المعنى: شبابًا، وشيوخًا. وثانيها: أنّ المعنى: مشاغيل، وغير مشاغيل. وثالثها: أنّ المعنى: نِشاطًا، وغيرَ نِشاط. ورابعها: أنّ المعنى: في اليسر والعسر، فقراء وأغنياء. وخامسها: أنّ المعنى: رُكبانًا، ومُشاةً. وسادسها: أنّ المعنى: ذا ضيعةٍ، وغيرَ ذي ضيعةٍ.
وذهب ابنُ جرير (١١/ ٤٧٤) إلى أنّ كلَّ تلك الأقوال تدخل تحت الآية، مستندًا إلى عموم لفظها، فقال: «أولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أمَرَ المؤمنين بالنَّفر لجهاد أعدائه في سبيله، خفافًا وثقالًا. وقد يدخل في الخِفاف كلُّ مَن كان سهلًا عليه النفر لقوة بدنه على ذلك، وصحة جسمه، وشبابه، ومَن كان ذا يُسْرٍ بمالٍ، وفراغ من الاشتغال، وقادرًا على الظهر والركاب. ويدخل في الثِّقال كلُّ مَن كان بخلاف ذلك، مِن ضعيف الجسم وعليله وسقيمه، ومِن مُعسِرٍ من المال، ومشتغلٍ بضَيْعَة ومعاش، ومَن كان لا ظهرَ له ولا ركاب، والشيخ، وذو السِّن، والعِيال. فإذ كان قد يدخل في الخفاف والثقال مَن وصفنا مِن أهل الصفات التي ذكرنا، ولم يكن الله -جل ثناؤُه- خصَّ مِن ذلك صنفًا دون صنف في الكتاب، ولا على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا نَصَب على خصوصه دليلًا؛ وجب أن يُقال: إنّ الله -جل ثناؤه- أمر المؤمنين من أصحاب رسوله بالنفر للجهاد في سبيله خفافًا وثقالًا مع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، على كل حالٍ مِن أحوال الخفّة والثقل».
وهو ظاهر قول ابن كثير (٧/ ٢٠٨).وقال ابنُ عطية (٤/ ٣٢٠): «هذه الأقوال إنّما هي على معنى المثال في الثِّقل، والخِفَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>