عَلَيَّ، يا رسول الله. وأمرهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلفا عند المنبر، فقام الجلاس عند المنبر بعد العصر، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قاله، ولقد كذب عَلَيَّ عامر، ثم قام عامر، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد قاله، وما كذبتُ عليه، ثم رفع يديه إلى السماء، وقال: اللَّهُمَّ، أنزِل على نبيِّك تصديق الصادق مِنّا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون:«آمين». فنزل جبريلُ - عليه السلام - قبل أن يتفرَّقا بهذه الآية، حتى بلغ:{فإن يتوبوا يك خيرا لهم}. فقام الجلاس، فقال: يا رسول الله، أسْمَعُ اللهَ - عز وجل - قد عَرَضَ عَلَيَّ التوبةَ، صَدَق عامرُ بن قيس فيما قاله، لقد قلتُه، وأنا أستغفر اللهَ وأتوب إليه. فقَبِل رسولُ الله ذلك منه، وحَسُنَت توبته (١). (ز)
٣٣٠٦٧ - قال مقاتل بن سليمان:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا}، وذلك أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أقام في غزاة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن، ويعيب المنافقين المتخلفين، جعلهم رجسًا، فسَمِع مَن غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن المنافقين، فغضبوا لإخوانهم المُتَخَلِّفين، فقال جلاس بن سويد بن الصامت: وقد سمع عامر بن قيس الأنصاري -من بني عمرو بن عوف- الجلاس يقول: واللهِ، لَئِن كان ما يقول محمدٌ حقًّا لِإخواننا الذين خلفناهم وهم سُراتُنا وأشرافنا لَنَحْنُ أشَرُّ من الحمير. فقال عامر بن قيس للجلاس: أجلْ، واللهِ، إنّ محمدًا لصادِقٌ مُصَدَّقٌ، ولأنت أشَرُّ مِن الحمار. فلمّا قدم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ أخبر عاصمُ بنُ عدي الأنصاريُّ عن قول عامر بما قال الجلاس، فأرسل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى عامر والجلاس، فذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للجلاس ما قال، فحلف الجلاس بالله ما قال ذلك، فقال عامر: لقد قاله وأعظمَ منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما هو؟». قال: أرادوا قتلك. فنفر الجلاس وأصحابه من ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قُوما، فاحْلِفا». فقاما عند المنبر، فحلف الجلاس ما قال ذلك، وأنّ عامرًا كذب، ثم حلف عامر باللهِ إنّه لصادق ولقد سمع قوله، ثم رفع عامر يده فقال: اللَّهُمَّ، أنزِل على عبدك ونبيِّك تكذيب الكاذب، وصِدْقَ الصادق. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «آمين». فأنزل في الجلاس:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ولَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِمْ} يعني: بعد إقرارهم بالإيمان، {وهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} مِن قتل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالعَقَبة، {وما نَقَمُوا إلّا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} فقال الجلاس: فقد عرض الله عَلَيَّ التوبةَ، أجلْ، واللهِ، لقد قُلْتُه. فصدَّق عامِرًا، وتاب الجلاس،