في المنافقين خاصَّةً الذَّين حدثوا النبي فكذَّبوه، وأتمنهم على سِرِّه فخانوه، ووعدوه أن يخرجوا معه في الغزو فأخلفوه. قال: وخرج أبو سفيان من مكة، فأتى جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه:«إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا». قال: فكتب رجلٌ من المنافقين إليه: أنّ محمدًا يريدكم، فخذوا حِذْرَكم. فأنزل الله:{لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}[الأنفال: ٢٧]. وأنزل في المنافقين:{ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله} إلى {فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}. فإذا لقيت الحسن فأَقْرِئْه السلامَ، وأخبِره بأصل هذا الحديث وبما قلتُ لك، قال: فقدِمت على الحسن، فقلت: يا أبا سعيد، إنّ أخاك عطاء يُقرِئك السلام. فأخبرتُه بالحديث الذي حَدَث، وما قال لي. فأخذ الحسن بيدي، فأشالها، وقال: يا أهل العراق، أعجزتم أن تكونوا مثل هذا؟ سمع مِنِّي حديثًا فلم يقبله حتى استنبط أصلَه، صدق عطاء، هكذا الحديث، وهذا في المنافقين خاصة (١)[٣٠٠٦]. (ز)
٣٣٠٩٦ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين}، قال: ذُكِر لنا: أنّ رجلًا من الأنصار أتى على مجلسٍ للأنصار، فقال: لَئِن آتاه الله مالًا لَيُؤْتِيَنَّ كُلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فآتاه الله مالًا، فصنع فيه ما يسمعون:{فلما آتاهم من فضله بخلوا} إلى قوله: {وبما
[٣٠٠٦] ذكر ابنُ عطية (٤/ ٣٦٩) أنّ ظاهر كلام الحسن بفهم منه أنّ الوصف بالنفاق صادِقٌ على كُلِّ مَن اتَّصف بالخلال الواردة في الأحاديث، ثم علَّق بقوله: «وهذه الأحاديثُ إنّما هي في المنافقين في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذين شهد الله عليهم، وهذه هي الخصال في سائر الأمة معاصٍ لا نفاق». ثم ذكر أنّ ابن جرير بيَّن رجوع الحسن عن هذا، ثم قال: «ولا محالة أنها كانت مع التوحيد والإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - معاصٍ، لكنَّها مِن قبيل النفاق اللغوي».