وعلَّق ابنُ عطية (٤/ ٣٨٢ - ٣٨٣) على هذا القول بقوله: «وكلُّ هذه الفرقة قرأ: {الْمُعَذِّرُونَ} بشد الذال، فمنهم مَن قال: أصله: المعتذرون، نقلت حركة التاء إلى العين، وأدغمت التاء في الذال، والمعنى: معتذرون بكذب، ومنهم من قال: هو من التعذير، أي: الذين يعذرون الغزو ويدفعون في وجه الشرع». ثم قال: «فالآية إلى آخرها في هذا القول إنما وصَفَت صنفًا واحدًا في الكفر ينقسم إلى أعرابيٍّ وحضريٍّ». [٣٠٢٢] اختُلِف في قراءة قوله: {الْمُعَذِّرُونَ}؛ فقرأ قوم: {الْمُعَذِّرُونَ}. وقرأ آخرون: {الْمُعَذِّرُونَ} بالتخفيف. ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ٦٢٠ - ٦٢١) مستندًا إلى اللغة قراءةَ التشديد، فقال: «فإن قال قائلٌ: فكيف قيل: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} وقد علمت أنّ المُعذِّر في كلام العرب إنما هو الذي يُعذِّر في الأمر، فلا يبالغ فيه ولا يُحْكمه، وليست هذه صفة هؤلاء، وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا في طلب ما ينهضون به مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عدوِّهم، وحرصوا على ذلك، فلم يجدوا إليه سبيلًا، فهم بأن يوصفوا بأنهم قد أعذروا أولى وأحقُّ منهم بأن يوصفوا بأنهم عذروا. وإذا وُصِفوا بذلك فالصواب في ذلك من القراءة ما قرأه ابن عباس ... {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} مخففة ... قيل: إنّ معنى ذلك على غير ما ذهبت إليه، وإن معناه: وجاء المعتذرون من الأعراب، ولكن التاء لما جاورت الذال أدغمت فيها، فصيرتا ذالًا مُشَدَّدة لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى، كما قيل: يذّكرون في يتذكرون، ويذّكر في يتذكر. وخَرَجت العين مِن المعذرين إلى الفتح؛ لأن حركة التاء من المعتذرين -وهي الفتحة- نقلت إليها، فحرّكت بما كانت به محركة، والعرب قد تُوَجه في معنى الاعتذار إلى الإعذار، فتقول: قد اعتذر فلان في كذا، يعني: أعذر».