ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ٦٢٢) القولَ الثاني الذي قاله قتادة، والحسن، ومجاهد من طريق ابن جُرَيج، استنادًا لِما رجَّحه من قراءة التشديد، والدلالة العقلية، فقال: «الذي عليه من القراءة قراءُ الأمصار التشديد في الذال، ... ففي ذلك دليلٌ على صِحَّة تأويل مَن تَأَوَّله بمعنى: الاعتذار؛ لأنّ القوم الذين وُصِفوا بذلك لم يكلفوا أمرًا عذروا فيه، وإنما كانوا فرقتين إمّا مجتهد طائع وإمّا منافق فاسق لأمر الله مخالف، فليس في الفريقين موصوف بالتعذير في الشخوص مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو معذر مبالغ، أو معتذر». وذكر قولًا آخر، فقال: «وقد كان بعضهم يقول: إنّما جاءوا معذرين غير جادين، يعرضون ما لا يريدون فعله». وعلَّق عليه بقوله: «فمن وجهه إلى هذا التأويل فلا كلفة في ذلك، غير أنِّي لا أعلم أحدًا مِن أهل العلم بتأويل القرآن وجَّه تأويله إلى ذلك، فأستحب القول به». ورجَّح ابنُ كثير (٧/ ٢٦٣) مستندًا إلى السياق القول الأول، فقال: «وهذا القول هو الأظهر في معنى الآية؛ لأنه قال بعد هذا: {وقعد الذين كذبوا الله ورسوله} أي: لم يأتوا فيعتذروا». وعلق عليه ابنُ عطية (٤/ ٣٨٣) بقوله: «وقوله: {مِنهُمْ} يريد: أنّ المعذرين كانوا مؤمنين، ويرجحه بعض الترجيح. فتأمَّله».