للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا} إلى: {بما كانوا يكسبون}، وذلك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل له: ألا تغزو بني الأصفر؛ لعلك أن تُصِيب بنتَ عظيم الروم؛ فإنّهُنَّ حِسانٌ. فقال رجلان: قد علمتَ -يا رسول الله- أنّ النساءَ فِتنة؛ فلا تَفْتِنّا بِهِنَّ؛ فَأْذَن لَنا. فأذِن لهما، فلمّا انطَلقا قال أحدهما: إن هو إلا شَحْمَةٌ لِأَوَّلِ آكِلٍ. فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينزل عليه في ذلك شيء، فلمّا كان ببعض الطريق نزل عليه وهو على بعض المياه: {لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة} [التوبة: ٤٢]، ونزل عليه: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} [التوبة: ٤٣]، ونزل عليه: {لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر} [التوبة: ٤٤]، ونزل عليه: {إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون}. فسمع ذلك رجلٌ مِمَّن غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم وهم خلفهم، فقال: تعلمون أن قد أُنزِل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدكم قرآنٌ؟ قالوا: ما الذي سَمِعتَ؟ قال: ما أدري، غير أنِّي سمعتُ أنّه يقول: {إنهم رجس}. فقال رجلٌ يُدْعى مخشيًّا: واللهِ، لَوَدِدتُ أنِّي أُجْلَد مائة جلدة وأنِّي لست معكم. فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما جاء بك؟». فقال: وجْهُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَسْفَعُه الرِّيحُ، وأنا في الكِنِّ (١). فأنزل الله عليه: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني} [التوبة: ٤٩]، {وقالوا لا تنفروا في الحر} [التوبة: ٨١]. ونزل عليه في الرجل الذي قال: لَوَدِدتُ أنِّي أُجْلَدُ مائة جلدة؛ قولُ الله: {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم} [التوبة: ٦٤]. فقال رجلٌ مع رسول الله: لَئِن كان هؤلاء كما يقولون ما فينا خيرٌ. فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: «أنت صاحبُ الكلمة التي سمعتُ؟». فقال: لا، والَّذي أنزَل عليك الكتابَ. فأنزل الله فيه: {ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم} [التوبة: ٧٤]. وأنزل فيه: {وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين} [التوبة: ٤٧] (٢) [٣٠٢٩]. (ز)

٣٣٣١٤ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قوله: {سيحلفون بالله


[٣٠٢٩] لم يذكر ابنُ جرير (١١/ ٦٢٩ - ٦٣٠) في نزول الآية غيرَ قولِ ابن عباس، وقولِ كعبٍ قبلَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>