للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٩٩٠ - وقتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله تعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}، قال: كافة ويَدَعُوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (١). (ز)

٣٣٩٩١ - عن الحسن البصري -من طريق مَعْمَر- {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين}، قال: لِيَتَفَقَّه الذين خرجوا بما يريهم اللهُ من الظهور على المشركين والنُّصْرَة، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم (٢). (ز)

٣٣٩٩٢ - عن عبد الله بن عبيد بن عُمَير -من طريق جرير- قال: كان المؤمنون لحرصهم على الجهاد إذا بعث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً خرجوا فيها، وتركوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة في رِقَّةٍ من الناس؛ فأنزل الله تعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}. أُمِروا إذا بَعَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً أن تخرُج طائفةٌ، وتُقيم طائفةٌ، فيحفظ المقيمون على الذين خرجوا ما أنزل الله من القرآن، وما يُسَنُّ مِن السُّنَنِ، فإذا رجع إخوانُهم أخبَروهم بذلك وعَلَّموهم، وإذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَتَخلَّف عنه أحدٌ إلا بإذن أو عذر (٣). (٧/ ٥٩٥)

٣٣٩٩٣ - عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} الآية، قال: لِيَتَفَقَّه الذين قعدوا مع نبيِّ الله، {ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} يقول: لينذروا الذين خرجوا إذا رجعوا إليهم (٤). (ز)

٣٣٩٩٤ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} إلى قوله: {لعلهم يحذرون}، قال: هذا إذا بعث نبيُّ الله الجيوشَ، أمرهم أن لا يُعْرُوا نبيَّه، وتُقِيمَ طائفةٌ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَتَفَقَّه في الدين، وتنطلق طائفةٌ تدعو قومَها، وتُحَذِّرهم وقائعَ الله فيمن خلا قبلهم (٥) [٣٠٨٤]. (ز)


[٣٠٨٤] اختلف المفسرون في المراد بهذا النفير على قولين: أحدهما: أنّه النفير إلى العدو؛ فالمعنى: ما كان لهم أن ينفروا بأجمعهم، بل تنفر طائفةٌ، وتبقى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - طائفةٌ؛ {ليتفقَّهوا في الدين} يعني: الفرقةَ القاعدين. فإذا رجعت السرايا، وقد نزل بعدهم قرآنٌ، أو تجدَّد أمر؛ أعلموهم به، وأنذروهم به إذا رجعوا إليهم. والآخر: أنّه النفير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل تنفر منهم طائفةٌ ليتفقه هؤلاء الذين ينفرون، ولينذروا قومهم المتخلِّفين.
وعلَّق ابنُ القيم (٢/ ٢٧) على هذا القول بقوله: «وعلى هذا فيكون قوله: {ليتفقهوا} {ولينذروا} للفرقة التي نفرت منها طائفة».
ثم رجّح مستندًا إلى الأغلب في كلام العرب، والنظائر، فقال: «وهذا قول الأكثرين، وعلى هذا فالنفير جهاد على أصله، فإنه حيث استعمل إنما يفهم منه الجهاد، قال الله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم} [التوبة: ٤١]، وقال النبي: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفِرتم فانفِروا». وهذا هو المعروف من هذه اللفظة».
وذكر (٢/ ٢٧) أنّه على القول الثاني فالنَّفِير نفيرُ تَعَلُّمٍ.
ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٨٣ بتصرف) مستندًا إلى السياق القولَ الأول الذي قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- حظر التَّخَلُّف خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين به من أهل المدينة ومن الأعراب لغير عذر يُعذرون به إذا خرج رسول الله لغزوٍ وجهادِ عدوٍّ قبل هذه الآية بقوله: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله}. ثم عقَّب ذلك -جلَّ ثناؤه- بقوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}، فكان معلومًا بذلك إذْ كان قد عرّفهم في الآية التي قبلها اللازمَ لهم من فرض النَّفْر، والمباحَ لهم من تركه في حال غزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشخوصه عن مدينته لجهاد عدوّ، وأعلمهم أنه لا يسعهم التخلف خِلافه إلا لعذر، بعد استنهاضه بعضهم وتخليفه بعضهم؛ أن يكون عَقِيب تعريفهم ذلك تعريفُهم الواجبَ عليهم عند مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمدينته، وإشخاص غيره عنها، كما كان الابتداءُ بتعريفهم الواجب عند شخوصه وتخليفه بعضهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>