وعلَّق ابنُ القيم (٢/ ٢٧) على هذا القول بقوله: «وعلى هذا فيكون قوله: {ليتفقهوا} {ولينذروا} للفرقة التي نفرت منها طائفة». ثم رجّح مستندًا إلى الأغلب في كلام العرب، والنظائر، فقال: «وهذا قول الأكثرين، وعلى هذا فالنفير جهاد على أصله، فإنه حيث استعمل إنما يفهم منه الجهاد، قال الله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم} [التوبة: ٤١]، وقال النبي: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفِرتم فانفِروا». وهذا هو المعروف من هذه اللفظة». وذكر (٢/ ٢٧) أنّه على القول الثاني فالنَّفِير نفيرُ تَعَلُّمٍ. ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٨٣ بتصرف) مستندًا إلى السياق القولَ الأول الذي قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- حظر التَّخَلُّف خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المؤمنين به من أهل المدينة ومن الأعراب لغير عذر يُعذرون به إذا خرج رسول الله لغزوٍ وجهادِ عدوٍّ قبل هذه الآية بقوله: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله}. ثم عقَّب ذلك -جلَّ ثناؤه- بقوله: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}، فكان معلومًا بذلك إذْ كان قد عرّفهم في الآية التي قبلها اللازمَ لهم من فرض النَّفْر، والمباحَ لهم من تركه في حال غزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشخوصه عن مدينته لجهاد عدوّ، وأعلمهم أنه لا يسعهم التخلف خِلافه إلا لعذر، بعد استنهاضه بعضهم وتخليفه بعضهم؛ أن يكون عَقِيب تعريفهم ذلك تعريفُهم الواجبَ عليهم عند مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمدينته، وإشخاص غيره عنها، كما كان الابتداءُ بتعريفهم الواجب عند شخوصه وتخليفه بعضهم».