ثم علَّقَ قائلًا: «وإن كان ذلك كله يعارضه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هي الرؤيا». إلا إن قلنا: إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى مثالًا مِن البشرى، وهي تعم جميع الناس». وذَهَبَ ابنُ جرير (١٢/ ٢٢٥) إلى عموم لفظ البشرى؛ لدلالة القرآن، والسنّة، وعدم المُخصّص، فقال: «وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أخبر أنّ لأوليائه المتقين البشرى في الحياة الدنيا، ومِن البشارة في الحياة الدنيا: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له. ومنها: بشرى الملائكة إيّاه عند خروج نَفْسِه برحمة الله، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن الملائكة التي تحضره عند خروج نفسه، تقول لنفسه: اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه». ومنها: بشرى الله إيّاه ما وعده في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الثواب الجزيل، كما قال -جلَّ ثناؤه-: {وبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأَنْهارُ} الآية [البقرة: ٢٥]، وكل هذه المعاني من بشرى الله إيّاه في الحياة الدنيا بشَّره بها، ولم يخصُص الله من ذلك معنى دون معنى، فذلك مما عمَّه -جل ثناؤه- أنّ لهم البشرى في الحياة الدنيا، وأما في الآخرة فالجنة».