ورجَّحَ ابنُ جرير (١٢/ ٢٦٠)، وكذا ابنُ عطية (٤/ ٥١٧) القولَ الأولَ -وهو قول ابن عباس من طريق عكرمة، والضحاك، وأبي مالك، ومجاهد، والربيع، وزيد بن أسلم، وإبراهيم النخعيّ-، استنادًا إلى الأغلب من الاستعمالِ في كلامِ العرب، والدلالة العقلية، فقال ابنُ جرير: «ذلك أن الأغلب من معاني البيوت -وإن كانت المساجد بيوتًا-: البيوت المسكونة، إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد؛ لأنّ المساجد لها اسم هي به معروفة خاصٌّ لها، وذلك: المساجد. فأمّا البيوت المطلقة بغير وصلها بشيء، ولا إضافتها إلى شيء: فالبيوت المسكونة. وكذلك القِبْلة، الأغلب من استعمال الناس إيّاها في قِبَلِ المساجد وللصلوات. فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز توجيه معاني كلام الله إلا إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللسان الذي نزل به، دون الخفيّ المجهول، ما لم تأت دلالة تدل على غير ذلك، ولم يكن على قوله: {واجعلوا بيوتكم قبلة} دلالةٌ تقطع العذرَ بأن معناه غير الظاهر المستعمل في كلام العرب؛ لم يَجُزْ لنا توجيهه إلى غير الظاهر الذي وصفنا. وكذلك القول في قوله: {قِبْلة}».