للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك}، قال: لم يَشُكَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسألْ (١). (٧/ ٧٠٥)

٣٤٩١٤ - عن سِماكٍ الحنفيِّ، قال: قلتُ لعبد الله بن عباس: إنِّي أجِدُ في نفسي ما لا أستطيع أن أتكلَّم به. فقال: شكٌّ؟ قلتُ: نعم. قال: ما نجا مِن هذا أحدٌ، حتى نزلتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {فإن كنتَ في شكٍّ مما أنزلنا إليك} الآية [٣١٥٨]. فإذا أحسستَ أو وجدتَ مِن ذلك شيئًا فقُل: {هو الأوَّلُ والآخرُ والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليمٌ} [الحديد: ٣] (٢). (٧/ ٧٠٥)

٣٤٩١٥ - عن سعيد بن جبير -من طريق أبي بشر- في قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك}، فقال: لم يشكَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَسْأَل (٣). (ز)

٣٤٩١٦ - عن الحسن البصري، قال: خمسةُ أحرفٍ في القرآنِ: {وإن كان مكرُهُم لتزول منه الجبالُ} [إبراهيم: ٤٦] معْناه: وما كان مكرُهم، {لو أردنا أن نتخذ لهوًا لاتَّخذناهُ من لدنّا إن كنّا فاعلين} [الأنبياء: ١٧] معناه: ما كنا فاعلين، {قُلْ إن كان للرحمن ولدٌ} [الزخرف: ٨١] معناه: ما كان للرحمن ولدٌ، {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} [الأحقاف: ٢٦] معناه: في الذي ما مكنّاكم فيه، {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} معناه: فما كنت في شكّ (٤). (٧/ ٧٠٦)

٣٤٩١٧ - عن الحسن البصري -من طريق منصور- في هذه الآية، قال: لم يَشُكَّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَسْأَل (٥) [٣١٥٩]. (ز)


[٣١٥٨] علَّقَ ابنُ عطية (٤/ ٥٢٦) على أثر عبد الله بن عباس هذا بقوله: «ذكر الزهراويُّ أن هذه المقالة أُنكِرَت أن يقولها عبد الله بن عباس. وبذلك أقول؛ لأن الخواطر لا ينجو منها أحد، وهي خلاف الشكِّ الذي يُحال فيه على الاستشفاء بالسؤال».
[٣١٥٩] قال ابنُ عطية (٤/ ٥٢٦): «الصواب في معنى الآية: أنّها مُخاطَبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد بها: سواه مِن كلّ مَن يمكن أن يشكّ أو يعارض».
وقال ابنُ جرير (١٢/ ٢٨٩): «لو قال قائل: إنّ هذه الآية خُوطِب بها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، والمراد بها: بعضُ مَن لم يكن صحَّت بصيرته بنبوته - صلى الله عليه وسلم -، مِمَّن كان قد أظهر الإيمانَ بلسانه، تنبيهًا له على موضع تعرُّف حقيقة أمره الذي يزيل اللبس عن قلبه، كما قال -جل ثناؤه-: {يا أيُّها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ولا تُطِعِ الكافِرِينَ والمُنافِقِينَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب: ١]؛ كان قولًا غيرَ مدفوعةٍ صِحَّتُه».
وقال ابنُ القيم (٢/ ٤٤) مبيّنًا المقصود بالخطاب في الآية: «المقصود به: إقامةُ الحُجَّة على منكري النبوات والتوحيد، وأنهم مُقِرُّون بذلك لا يجحدونه ولا ينكرونه، وأنّ الله سبحانه أرسل إليهم رُسُلَه، وأنزل عليهم كتبه بذلك، وأرسل ملائكته إلى أنبيائه بوحيه وكلامه، فمن شَكَّ في ذلك فليسأل أهل الكتاب. فأخرج هذا المعنى في أوجز عبارة، وأدلها على المقصود، بأن جعل الخطاب لرسوله الذي لم يشك قط، ولم يسأل قط، ولا عرض له ما يقتضي ذلك. وأنت إذا تأملت هذا الخطاب بدا لك على صفحاته: مَن شكّ فليسأل، فرسولي لم يشكّ، ولم يسأل».
وبنحوه قال ابنُ تيمية (٣/ ٤٩٢ - ٤٩٧).
وذكر ابنُ عطية (٤/ ٥٢٦) أنّ قومًا قالوا: الكلام بمنزلة قولك: إن كنت ابني فبرني. وانتقده بقوله: «وليس هذا المثال بجيد، وإنما مثال هذه قوله تعالى لعيسى: {أأنت قلت للناس اتخذوني} [المائدة: ١١٦]».
وذكر (٤/ ٥٢٧) أنّ قوله: {مما أنزلنا إليك} يريد به أنّ بني إسرائيل لم يختلفوا في أمره إلا من بعد مجيئه، وبين أنّ هذا قول أهل التأويل قاطبة، ثم علَّق بقوله: «وهذا هو الذي يشبه أن ترتجى إزالة الشك فيه مِن قِبَل أهل الكتاب». ثم أورد احتمالًا آخر، فقال: «ويحتمل اللفظ أن يريد بـ» ما أنزلنا «: جميع الشرع». وانتقده بأنّه بعيد بالمعنى؛ لأنّ ذلك لا يعرف ويزول الشك فيه إلا بأدلة العقل، لا بالسماع من مؤمني بني إسرائيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>