للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٩٤٩ - قال وهب بن مُنَبِّه: غامَتِ السماءُ غيمًا أسودَ هائلًا، يُدَخِّنُ دخانًا شديدًا، وهبط حتى غشى مدينتهم، واسْوَدَّت سُطوحهم، فلمّا رأوا ذلك أيقنوا بالهلاك، فطلبوا نبيَّهم، فلم يجدوه، فقذف اللهُ في قلوبهم التوبة، فخرجوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم، ولبسوا المسوح، وأظهروا الإيمان والتوبة، وأخلصوا النية، وفرّقوا بين كل والدة وولدها مِن الناس والأنعام، فحنَّ بعضهم إلى بعض، وعَلَت أصواتهم، واختلطت أصواتُها بأصواتهم، وحنينُها بحنينهم، وعجُّوا وضجُّوا إلى الله تعالى، وقالوا: آمَنّا بما جاء به يونس. فرحمهم ربُّهم، واستجاب دعاءَهم، وكشف عنهم العذاب بعد ما أظلَّهم، وتدلّى إلى سمعهم، وذلك يوم عاشوراء (١). (ز)

٣٤٩٥٠ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {فلولا كانت قرية آمنت} الآية، يقولُ: لم يكن هذا في الأمم قبلَ قومِ يونس، لم ينفع قريةً كفرتْ ثم آمنتْ حين عايَنَتِ العذاب إلا قومَ يونس، فاستثْنى اللهُ قوم يونس [٣١٦٣]. وذُكِر لنا: أنّ قوم يونس كانوا بنِينَوى من أرض الموصل، فلمّا فقدوا نبيَّهم قذف اللهُ تعالى في قلوبهم التوبةَ، فلَبِسوا المسُوح، وأخْرجوا المواشِيَ، وفرَّقوا بين كلّ بهيمة وولدها، فعجُّوا إلى الله أربعين صباحًا، فلمّا عرف الله الصِّدق من قلوبهم والتوبةَ والنَّدامة على ما مضى منهم؛ كشف عنهم العذاب بعد ما تدلّى عليهم، لم يكنْ بينهم وبين العذاب إلا مِيلٌ (٢). (٧/ ٧٠٧)

٣٤٩٥١ - عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: {إلا قوم يونس لما


[٣١٦٣] اسْتَدْرَكَ ابنُ تيمية (٣/ ٤٩٩) على قول قتادة هذا مستندًا للغة، فقال: «قتادة ظنّ أن المعنى: أنه نفعهم دون غيرهم. وليس كذلك، بل غيرهم لم يؤمن إيمانًا ينفع، وهؤلاء آمنوا إيمانًا ينفع، والاستثناء حجة لنا؛ لأنه منقطع، ولو اتصل لرفع».
وقال ابنُ عطية (٤/ ٥٣٠) مسْتَدْركًا: «ذهب الطبري إلى أن قوم يونس خُصّوا من بين الأمم بأن تِيب عليهم من بعد معاينة العذاب، ذَكَرَ ذلك عن جماعة من المفسرين. وليس كذلك، والمعاينة التي لا تنفع التوبة معها هي تلبس العذب أو الموت بشخص الإنسان، كقصة فرعون. وأما قوم يونس فلم يصلوا هذا الحد».

<<  <  ج: ص:  >  >>