للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥٢٨٣ - قال محمد بن السائب الكلبي -من طريق مَعْمَر-: جبريل شاهِدٌ من الله (١). (ز)

٣٥٢٨٤ - عن عطاء الخراساني، نحو ذلك (٢). (ز)

٣٥٢٨٥ - قال مقاتل بن سليمان: {أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ ويَتْلُوهُ} يعني: القرآن {شاهِدٌ مِنهُ} يقول: يقرؤه جبريل - عليه السلام - على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو شاهِد لمحمد أنّ الذي يتلوه محمد مِن القرآن أنّه جاء مِن الله تعالى (٣). (ز)

٣٥٢٨٦ - عن سفيان -من طريق أبي خالد- يقول: {أفمن كان على بينة من ربه}، قال: محمد - صلى الله عليه وسلم - (٤). (ز)

٣٥٢٨٧ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه}، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على بيِّنة من ربِّه، والقرآن يتلوه شاهد منه أيضًا مِن الله بأنّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥) [٣١٩٥]. (ز)


[٣١٩٥] اختُلِف في المشار إليه ببقوله: {أفمَن} على قولين: الأول: محمد - صلى الله عليه وسلم -. الثاني: المؤمنون. واختُلِف في المراد بالشاهد على أقوال: الأول: أنّه القرآن. الثاني: القرآن ونظمه وإعجازه. الثالث: محمد - صلى الله عليه وسلم -. الرابع: لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -. الخامس: جبريل - عليه السلام -. السادس: مَلَكٌ يحفظه. السابع: الإنجيل. نقله ابن عطية (٤/ ٥٥٣).
وكذا نقل ابنُ عطية (٤/ ٥٥٢) اختلافًا في البيِّنة على قولين: الأول: أنّه القرآن؛ أي: على جليَّة بسبب القرآن. الثاني: أنّه محمد - صلى الله عليه وسلم -، أي: على جليَّة بسبب محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وقد ذكر كذلك أنّ قوله: {يتلوه} يحتمل معنيين: الأول: بمعنى: يقرأه. الثاني: بمعنى يتبعه. وأن هذين المعنيين يتصرفان بحسب الخلاف في الشاهد.
ثم وجَّه (٤/ ٥٥٣) الأقوال وكيف يتركب بعضها على بعض، فقال: «ولنرتب الآن اطِّراد كل قول وما يحتمل. فإذا قلنا: إنّ قوله: {أفمن} يُراد به: المؤمنون، فإن جعلت بعد ذلك البينة محمدًا - صلى الله عليه وسلم - صحَّ أن يترتب الشاهد: الإنجيل، ويكون {يتلوه} بمعنى: يقرؤه؛ لأنّ الإنجيل يقرأ شأن محمد - صلى الله عليه وسلم -. وأن يترتب: جبريل - عليه السلام -، ويكون {يتلوه} بمعنى: يتبعه، أي: في تبليغ الشرع والمعونة فيه. وأن يترتب: الملَك، ويكون الضمير في {منه} عائدًا على البينة التي قدَّرناها: محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. وأن يترتب: القرآن، ويكون {يتلوه} بمعنى: يتبعه، ويعود الضمير في {منه} على الربِّ. وإن جعلنا البيِّنة: القرآن على أنّ {أفمن} هم المؤمنون صح أن يترتب الشاهد: محمد - صلى الله عليه وسلم -، وصح أن يترتب: الإنجيل، وصح أن يترتب: جبريل والملَك، ويكون {يتلوه} بمعنى: يقرؤه، وصح أن يترتب الشاهد: الإعجاز، ويكون {يتلوه} بمعنى: يتبعه، ويعود الضمير في {منه} على القرآن. وإذا جعلنا {أفمن} للنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت البيِّنة القرآن، وترتب الشاهد: لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، وترتب: الإنجيل، وترتب: جبريل والملَك، وترتب: علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -، وترتب: الإعجاز، ويُتأوَّل {يتلوه} بحسب الشاهد كما قلنا».
وذكر ابنُ تيمية (٣/ ٥٢٦) أنّ كلَّ مَن فسر {يتلوه} بمعنى: يقرؤه؛ جعل الضمير فيه عائدًا على القراءة، وجعل الشاهد غير القرءان.
وقد حكى ابنُ جرير (١٢/ ٣٥٣ - ٣٦١) الخلاف في الشاهد، ورجَّح مستندًا إلى السياق، والدلالة العقلية أنّ الشاهد: جبريل، وأن التلاوة بمعنى: القراءة، فقال: «وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصواب في تأويل قوله: {ويتلوه شاهد منه} قولُ مَن قال: هو جبريل. لدلالة قوله: {ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة} على صحة ذلك، وذلك أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتلُ قبل القرآن كتاب موسى، فيكون ذلك دليلًا على صحة قول مَن قال: عنى به لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو: محمد نفسه، أو عليّ. ولا يُعلَمُ أنّ أحدًا كان تلا ذلك قبل القرآن أو جاء به مِمَّن ذكر أهل التأويل أنه عنى بقوله: {ويتلوه شاهد منه} غيرُ جبريل - عليه السلام -». ثم أورد اعتراضًا خُلاصته: أنّ القراءة برفع {كتاب}، وعلى القول الذي رجَّحَه يتعين نصبها؛ لأنّ المعنى: ومن قبل القرآن يتلو جبريل كتابَ موسى. وأجاب عن هذا الاعتراض بقوله: «إنّ القراء في الأمصار قد أجمعت على قراءة ذلك بالرفع فلم يكن لأحد خلافها، ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالنصب كانت قراءة صحيحةً ومعنى صحيحًا ... ووجه رفعهم هذا أنهم ابتدءوا الخبر عن مجيء كتاب موسى قبل كتابنا المنزل على محمد، فرفعوه بـ {ومن قبله}، والقراءة كذلك، والمعنى الذي ذكرت من معنى تلاوة جبريل ذلك قبل القرآن، وأنّ المراد من معناه ذلك، وإن كان الخبر مستأنفًا على ما وصفتُ اكتفاء بدلالة الكلام على معناه».
ورجَّح ابنُ عطية (٤/ ٥٥٤ - ٥٥٥) مستندًا إلى السياق «أن يكون {أفمن} للمؤمنين، أو لهم وللنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم؛ إذ قد تقدم ذكر {الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار}، فعقَّب ذكرَهم بذكر غيرهم. والبينة: القرآن وما تضمَّن. والشاهد: محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو جبريل إذا دخل النبي في قوله: {أفمن}، أو الإنجيل. والضمير في {يتلوه} للبينة، وفي {منه} للرب تعالى. والضمير في {قبله} للبينة». ثُمَّ حكم بكون بقية الأقوال التي ذكرها محتملة.
ووجَّه ابنُ تيمية (٣/ ٥١٦ - ٥٢٣) قول مَن فسَّره بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بأن مرادهم التمثيل لا التخصيص، لأنّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو أول من كان على بينة من ربه.
ورجَّح (٣/ ٥١٢) مستندًا إلى القرآن، واللغة، والسياق، والدلالة العقلية أنّ المشار إليه بقوله: {أفمَن} يعم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، وذكر بعض الآيات الدالة على كونهم على بينة. وعلل ذلك بما يلي: أولًا: لفظ «من» في {أفمن} أبلغ صيغ العموم؛ لا سيما إذا كانت شرطًا أو استفهامًا، وإذا كان العلماء يحكمون في كثير من المواطن بعموم الخطاب الذي لفظه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشموله للجميع كقوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} [يونس: ٩٤]، و {لئن أشركت ليحبطن عملك} [الزمر: ٦٥] فكيف تُجعَلُ الصيغة العامة له وللمؤمنين مختصة به؟! ثانيًا: أنّه تعالى قد ذكر بعد ذلك قوله: {أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده}، وذكر بعد هذا: {مثل الفريقين}، وقد تقدم قبل هذا ذكر الفريقين، وقوله: {أولئك يؤمنون به} إشارة إلى جماعة ولم يُقَدِّم قبل هذا ما يصلح أن يكون مشارا إليه إلا «مَن»، والضمير يعود تارة إلى لفظ «من»، وتارة إلى معناها، كقوله: {ومنهم من يستمع إليك} [الأنعام: ٢٥، محمد: ١٦]، {ومنهم من يستمعون إليك} [يونس: ٤٢]، وأمّا الإشارة إلى معناها فهو أظهر من الضمير. ثالثًا: أنّ قوله: {أولئك يؤمنون به} دليل على أنّ الذي على بينة من ربِّه كثيرون لا واحد.
ورجَّح ابنُ تيمية (٣/ ٥١٢ - ٥٢٨) كذلك مستندًا إلى النظائر، والدلالة العقلية أنّ المراد بالبينة: الإيمان، وبالشاهد: القرآن وأنّ {يتلوه} بمعنى: يتبعه، وأن المعنى: أن المؤمن على بينة من ربه بإيمانه وهداه، يتبعه شاهد من الله وهو القرآن بمثل ما هو عليه من بينة الإيمان. وكان من مستندات ترجيحه: أولًا: أنّ الإيمان هو المقصود؛ لأنّه إنما يراد بإنزال القرآن: الإيمان وزيادته، ولهذا كان الإيمان بدون القرآن ينفع صاحبه ويدخل به الجنة، والقرآن بلا إيمان لا ينفع صاحبه في الآخرة. ثانيًا: أنّ المعنى الذي رجحه يناظره قوله تعالى في آية النور [٣٥]: {نور على نور}، وذلك نور الإيمان ونور القرآن حين يجتمعان. ثالثًا: أنّ هذا المعنى يؤيده آيات كثيرة من مثل قوله تعالى: {وكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِن أنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ} [هود: ١٢٠]، وقوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل: ١٠٢]. رابعًا: أنّ الضمير في الآية في قوله تعالى: {ومن قبله} يعود إلى الشاهد، وهو القرآن، كقوله تعالى: {قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ كانَ مِن عِنْدِ اللَّهِ وكَفَرْتُمْ بِهِ وشَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} [الأحقاف: ١٠]، وقيل: يعود إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وهما متلازمان. خامسًا: أنّ الضمير في قوله: {أولئك يؤمنون به} عائد على القرآن، ودليله قوله تعالى: {فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك}، وهذا هو القرآن بلا ريب. وقيل: إنّه الخبر المذكور، وهو أنّه من يكفر به من الأحزاب، وهذا أيضًا هو القرآن، فعُلِمَ أنّ المراد هو الإيمان بالقرآن والكفر به باتفاقهم.
وانتقد ابنُ عطية (٤/ ٥٥٣) مستندًا إلى اللغة القول بأنّ {أفمن} للنبي - صلى الله عليه وسلم - وما يترتب عليه بأنّه: «يضعفه قوله: {أولئك}؛ فإنّا إذا جعلنا قوله: {أفمن} للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحدَه لم نجد في الآية مذكورين يُشار إليهم بذلك، ونحتاج في الآية إلى تَجَوُّز وتشبيه بقوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} [الطلاق: ١]، وهو شبه ليس بالقوي».
وانتقد ابنُ تيمية (٤/ ٥١٣) مستندًا إلى الدلالة العقلية، وأحوال النُّزول، ودلالة الآية القولَ بأنّ الشاهد: جبريل - عليه السلام -، أو لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو علي بن أبي طالب، فقال: «لأنّ كون شاهد الإنسان منه لا يقتضي أن يكون الشاهد صادقًا، فإنّه مثل شهادة الإنسان لنفسه، بخلاف ما إذا كان الشاهد مِن الله؛ فإنّ الله يكون هو الشاهد، وهذا كما قيل في قوله: {قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَن عِندَهُ عِلْمُ الكِتابِ} [الرعد: ٤٣]: إنّه علي. فهذا ضعيف؛ لأنّ شهادة قريب له قد اتبعه على دينه ولم يهتدِ إلا به لا تكون برهانًا للصدق، ولا حُجَّة على الكفر، بخلاف شهادة مَن عنده علم الكتاب الأول؛ فإنّ هؤلاء شهادتهم برهان ورحمة ... ومَن قال: إنّه جبريل، فجبريل لم يقل شيئًا مِن تلقاء نفسه، بل هو الذي بلَّغ القرآن عن الله، وجبريل يشهد أنّ القرآن منزل من الله، وأنه حق، كما قال: {لَّكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أنزَلَ إليكَ أنزَلَهُ بِعِلْمِهِ والمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وكَفى بِاللهِ شَهِيدًا} [النساء: ١٦٦]. والذي قال هو جبريل قال: {يتلوه} أي: يقرؤه، كما قال: {فَإذا قَرَأْناهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨]، أي: إذا قرأه جبريل فاتِّبع ما قرأه، وقال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوى} [النجم: ٥]. ومن قال: الشاهد: لسانه، وجعل الضمير المذكور عائدًا على القرآن، ولم يذكر لأنّه جعل البينة هي القرآن، ولو كانت البينة هي القرآن لما احتاج إلى ذلك وقد قال: {على بينة من ربه} فقد ذكر أنّ القرآن من الله، وقد علم أنّه نزل به جبريل على محمد، وكلاهما بلغه وقرأه، فقوله: {ويَتْلُوهُ} جبريل أو محمد تكرير لا فائدة فيه، ولهذا لم يذكر مثل ذلك في القرآن. وأيضًا فكونه على القرآن لم نجد لذلك نظيرًا في القرآن؛ فإن القرآن كلام الله، وأحد لا يكون عليه، وإذا كان المراد على الإيمان بالقرآن والعمل به فهذا الذي ذكرناه: إن البينة هي الإيمان بما جاء به الرسول، وهو إخباره أنّه رسول الله، وأنّ الله أنزل القرآن عليه، ولَمّا أنزلت هذه السورة وهي مكية لم يكن قد نزل من القرآن قبلها إلا بعضه، وكان المأمور به حينئذ هو الإيمان بما نزل منه، فمَن آمن حينئذٍ بذلك ومات على ذلك كان مِن أهل الجنة، وأيضًا فتسمية جبريل شاهدًا لا نظير له في القرآن، وكذلك تسمية لسان الرسول شاهدًا، وتسمية علي شاهدًا، لا يوجد مثل ذلك في الكتاب والسنة ... ومَن قال: إنّ الشاهد لسان محمد، فهو إنما أراد بهذا القول التلاوة، أي: أنّ لسان محمد يقرأ القرآن، وهو شاهد منه، أي: من نفسه؛ فإن لسانه جزء منه، وهذا القول ونحوه ضعيف. والله أعلم. هذا إن ثبت ذلك عمَّن نقل عنه، فإنّ هذا وضده ينقلان عن علي بن أبي طالب، وذلك أن طائفة من جهال الشيعة ظنُّوا أنّ عليًّا هو الشاهد منه، أي: من النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قال له: «أنت مِنِّي، وأنا منك». وهذا قاله لغيره أيضًا، فقد ثبت في الصحيحين أنّه قال: «الأشعريون هم مِنِّي، وأنا منهم». وقال عن جُلَيْبِيب: «هذا مني، وأنا منه». وكل مؤمن هو مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال الخليل: {فمن تبعني فإنه مني} [إبراهيم: ٣٦]. وقال: {ومن لم يطعمه فإنه مني} [البقرة: ٢٤٩]. ورووا هذا القول عن عليٍّ نفسه، وروي عنه بإسناد أجود منه أنّه قال: كذب مَن قال هذا. قال ابن أبي حاتم: ذكر عن حسين بن زيد الطحان، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، قال: قال علي: ما مِن قريش أحد إلا نزلت فيه آية قيل فما أنزل فيك؟ قال: {ويتلوه شاهد منه}. وهذا كَذِب على عليٍّ قطعًا. وإن ثبت النقل عن عبّاد هذا فإنّ له منكرات عنه، كقوله: أنا الصديق الأكبر، أسلمتُ قبل الناس بسبع سنين. وقد رووا عن عليٍّ ما يُعارِض ذلك، قال ابن أبي حاتم: ثنا أبي، ثنا عمرو بن علي الباهلي، ثنا محمد بن شواص، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عروة، عن محمد بن علي -يعني: ابن الحنفية- قال: قلت لأبي: يا أبة، {ويتلوه شاهد منه}، إنّ الناس يقولون: إنّك أنت هو. قال: وددت لو أني أنا هو، ولكنه لسانه. قال ابن أبي حاتم: وروي عن الحسن وقتادة نحو ذلك. قلت: وقد تقدم عن الحسين ابنه أنّ الشاهد منه: هو محمد - صلى الله عليه وسلم -. وإنّما تكلم علماء أهل البيت في أنّه محمد - صلى الله عليه وسلم - ردًّا على مَن قال مِن الجهلة: إنه علي. فإنّ هذه السورة نزلت بمكة وعليٌّ كان إذ ذاك صغيرًا لم يبلغ، وكان مِمَّن اتبع الرسول، ولو كان ابن رسول الله ليس ابن عمه لم تكن شهادته تنفع، لا عند المسلمين ولا عند الكفار، بل مثل هذه الشهادة فيها تهمة القرابة، ولهذا كان أكثر العلماء على أنّ شهادة الوالد وشهادة الولد لوالده لا تقبل، فكيف يجعل مثل هذا حجة لنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - مُؤَكِّدًا لها؟!».

<<  <  ج: ص:  >  >>