وذكر ابنُ القيم (١/ ١١٠ - ١١٢ بتصرف) ترجيحَ ابن جرير، ثم انتقده بقوله: «قلت: أصحاب القول الأول يَخُصُّون هذا العامَّ بما عدا الرزق الأول؛ لدلالة العقل والسياق عليه، وليس هذا بِبِدْع من طريقة القرآن، وأنت مضطر إلى تخصيصه، ولا بد بأنواع من التخصيصات، أحدها: أنّ كثيرًا من ثمار الجنة -وهي التي لا نظير لها في الدنيا- لا يُقال فيها ذلك. الثاني: أن كثيرًا من أهلها لم يُرْزَقوا جميع ثمرات الدنيا التي لها نظير في الجنة. الثالث: أنه من المعلوم أنهم لا يستمرون على هذا القول أبد الآباد ... والقرآن العظيم لم يقصد إلى هذا المعنى، ولا هو مما يعتني بهم من نعيمهم ولذتهم، وإنما هو كلام مبين خارج على المعتاد المفهوم من المخاطب. ومعناه: أنه يشبه بعضه بعضًا ... [لا] يعرض له ما يعرض لثمار الدنيا عند تقادم الشجر وكِبرها من نُقْصان حملها، وصِغَر ثمرها، وغير ذلك، بل أوله مثل آخره، وآخره مثل أوله، هو خيار كله، فهذا وجه قولهم، ولا يلزم مخالفة ما نَصَّه الله?، ولا نسبة أهل الجنة إلى الكذب بوجه، والذي يلزمهم من التخصيص يلزمك نظيره وأكثر منه». وقال ابنُ عطية (١/ ١٥٢): «وقال بعض المتأولين: المعنى: أنهم يرون الثَّمَر فيُمَيِّزون أجناسه حين أشْبَه منظره ما كان في الدنيا، فيقولون: {هذا الَّذِي رُزِقْنا مِن قَبْلُ} في الدنيا». ثم انتقده بقوله: «وقول ابن عباس الذي قبل هذا يَرُدُّ على هذا القول بعض الرد». وقول ابن عباس الذي أورده ابن عطية قبل هذا هو: «ليس في الجنة شيء مما في الدنيا سوى الأسماء، وأما الذوات فمتباينة».