للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجفَّفها، فقال: يا رب، كيف أتَّخِذُ هذا البيتَ؟ قال: اجعله على ثلاثة صور؛ رأسُه كرأس الديك، وجُؤْجُؤُه كجُؤْجُؤِ الطير، وذَنَبُه كذَنَبِ الدِّيك، واجعلها مُطْبَقَةً، واجعل لها أبوابًا في جنبها، وشُدَّها بدُسُر -يعني: مسامير الحديد-. وبعث الله جبريلَ، فعلَّمه صَنْعَة السفينة، فكانوا يَمُرُّون به ويسخرون منه، ويقولون: ألا ترون إلى هذا المجنون، يَتَّخِذُ بيتًا يسير به على الماء، وأين الماء؟! ويضحكون، وذلك قوله: {وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه}. فجعل السفينةَ ستمائة ذراع طولها، وستين ذراعًا في الأرض، وعرضها ثلاثمائة ذراع وثلاثة وثلاثون، وأُمِر أن يَطْلِيَها بالقارِ، ولم يكن في الأرض قارٌ، ففجَّر اللهُ له عَيْنَ القارِ حيثُ تَنَحَّتِ السفينةُ تَغْلِي غَلَيانًا حتى طَلاها، فلمّا فرغ منها جعل لها ثلاثة أبوابٍ وأَطْبَقَها، فحمل فيها السباعَ والدَّوابَّ، فألقى الله على الأسدِ الحُمّى، وشغله بنفسه عن الدواب، وجعل الوحش والطير في الباب الثاني، ثم أطبق عليها، وجعل ولد آدم أربعين رَجُلًا وأربعين امرأة في الباب الأعلى، ثم أطبق عليهم، وجعل الدُّرَّةَ (١) معه في الباب الأعلى؛ لضعفها ألّا تَطَأَها الدوابُّ (٢). (٨/ ٤٢)

٣٥٤٤٤ - قال عبد الله بن عباس: اتخذ نوح السفينة في سنتين، وكان طول السفينة ثلثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعًا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعًا، وكانت مِن خشب السّاج، وجعل لها ثلاثة بطون، فحمل في البطن الأسفلِ الوحوشَ والسباعَ والهوامَّ، وفي البطن الأوسط الدوابَّ والأنعامَ، وركب هو ومَن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه مِن الزّاد (٣). (ز)

٣٥٤٤٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق يوسف بن مهران- قال: قال الحواريُّون لعيسى ابن مريم: لو بعثت لنا رجلًا شَهِد السَّفِينَةَ، فحدَّثَنا عنها. فانطلق بهم حتى انتهى إلى كَثِيبٍ مِن تُراب، فأخذ كفًّا مِن ذلك التراب، قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: اللهُ ورسوله أعلم. قال: هذا كَعبُ (٤) حامِ بن نوح. فضرب الكَثِيب بعصاه، قال: قُم بإذن الله. فإذا هو قائم يَنفُضُ التُّراب عن رأسه قد شاب، قال له عيسى - عليه السلام -: هكذا هلكتَ؟ قال: لا، مِتُّ وأنا شابٌّ، ولكنِّي ظننتُ أنّها الساعة؛


(١) الدرة: الببغاء الصغير. حياة الحيوان الكبرى ١/ ٤٧٨.
(٢) أخرجه ابن عساكر ٦٢/ ٢٤٨. وعزاه السيوطي إلى إسحاق بن بشر.
(٣) تفسير الثعلبي ٥/ ١٦٦، وتفسير البغوي ٤/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٤) في تاريخ الطبري ١/ ١٨١: «قبر حام بن نوح».

<<  <  ج: ص:  >  >>