وانتقد ابنُ عطية (٤/ ٦٠٩) القول الثاني، وهو قول ابن عباس من طريق ابنه علي، وقول ابن عمر، ومجاهد، وعكرمة، فقال: «وهذا قولٌ ضعيفٌ قليل التمكن». ثُمَّ اختلف القائلون أنّه الضحك المعروف في السبب الذي من أجله ضَحِكَت على أقوال: الأول: تَعَجُّبًا مِن أنها وزوجها يخدمان الأضياف تكرمةً لهم، وهم لا يأكلون. الثاني: ضحكت من أنّ قوم لوط في غفلة وقد جاءت رسل الله بإهلاكهم. الثالث: ضحكت ظنًّا بالرسل أنهم يريدون عَمَل قوم لوط. الرابع: ضحكت لَمّا رأت ما بزوجها من الرَّوْع. الخامس: ضحكت حين بُشِّرَت بإسحاق تَعَجُّبًا مِن أن يكون لها ولد على كِبَر سنِّها وسنِّ زوجها. السادس: ضحكت سرورًا بالأمن منهم، لمّا قالوا لإبراهيم - عليه السلام -: {لا تَخَفْ}. ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٤٧٨) مستندًا إلى دلالة السياق، والعقل القول الثاني، وهو قول قتادة، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنه ذُكِر عقيب قولهم لإبراهيم: {لا تَخَفْ إنّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمِ لُوطٍ}، فإذا كان ذلك كذلك، وكان لا وجْه للضحك والتعجب من قولهم لإبراهيم - عليه السلام -: {لا تَخَفْ}؛ كان الضحك والتعجب إنما هو مِن أمْرِ قوم لوط - عليه السلام -». وانتقد ابنُ عطية (٤/ ٦١٠) القول الثالث، وهو قول محمد بن قيس، فقال: «وهذا قولٌ خطأٌ، لا ينبغي أن يلتفت إليه، وقد حكاه الطبري، وإنما ذكرته لمعنى التنبيه على فساده». وانتقد ابنُ كثير (٧/ ٤٥٢) القول الثالث، والقول الرابع وهو قول الكلبي من طريق معمر بأنهما: «ضعيفان جدًّا، وإن كان ابنُ جرير قد رواهما بسنده إليهما، فلا يلتفت إلى ذلك». وانتقد القول الخامس، وهو قول وهب بن منبه مستندًا إلى مخالفة السياق، فقال عنه: «وهذا مخالف لهذا السياق؛ فإنّ البشارة صريحة مُرَتَّبة على ضحكها».