[١١١] رَجَّحَ ابن جرير (١/ ٤٢٤ - ٤٢٥ بتصرف) ما حكاه السدي في تفسيره عن ابن مسعود، وعن ابن عباس -من طريق أبي صالح-، وعن ناس من الصحابة مِن أنّ الآية نزلت جوابًا لنكير الكفار والمنافقين ما ضُرِبَ لهم من الأمثال في سورة البقرة، وعَلَّل ابن جرير ذلك بدلالة السياق، وأن «الله -جَلَّ ذِكْرُه- أخبر عبادَه أنّه لا يستحيي أن يضرب مثلًا ما بعوضة فما فوقها، عقيب أمثالٍ قد تقدمت في هذه السورة ضربها للمنافقين، دون الأمثال التي ضربها في سائر السُّوَر غيرها. فلأن يكون هذا القول ... جوابًا لنكير الكفار والمنافقين ما ضُرِب لهم من الأمثال في هذه السورة أحَقُّ وأولى من أن يكون ذلك جوابًا لنكيرهم ما ضُرِب لهم من الأمثال في غيرها من السور». وارتضى ترجيحَه ابنُ كثير (١/ ٣٢٥) بقوله: «وقد اختار ابن جرير ما حكاه السُّدي؛ لأنه أمَسُّ بالسورة، وهو مناسب».وانتقد ابنُ جرير (١/ ٤٢٥ - ٤٢٦) ما يمكن أن يَظُنَّه ظانٌّ من أنه إذا كانت هذه الآية نزلت جوابًا لنكير الكفار والمنافقين ما ضُرِب لهم من الأمثال في هذه السورة، فالواجب أن يكون ذلك في بقية الأمثال في غيرها من السور؛ لموافقتها لها في المعنى. وذكرَ أنّ الأمر بخلاف ما ظن؛ لكون الآية خبرًا منه -جَلَّ ذِكْرُه- أنه لا يستحي أن يضرب في الحق من الأمثال صغيرها وكبيرها؛ ابتلاءً بذلك عباده؛ ليميز به أهلَ الإيمان والتصديق به من أهلِ الضلال والكفر به، لا أنّه -جَلَّ ذِكْرُه- قصد الخبر عن عين البعوضة أنه لا يستحي من ضرب المثل بها، ولكن البعوضة لَمّا كانت أضعف الخلق خَصَّها الله بالذِّكْرِ في القِلَّة.