وعلَّق ابنُ عطية (٥/ ٢٨) على القول الثالث بقوله: «وليست الظهر في هذه الآية على هذا القول، بل هي في غيرها». ووجَّه القولَ الذي زاده ابن جرير بقوله: «كأن هذا القائل راعى جَهْرَ القراءة». ورجَّح ابنُ جرير القول الثاني، وانتقد ما عداه مستندًا إلى الدلالة العقلية، وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، والحسن من طريق عوف، وابن زيد، وعلَّل ذلك بقوله: «وإنّما قلنا: هو أولى بالصواب. لإجماع الجميع على أنّ صلاة أحد الطرفين من ذلك صلاةُ الفجر، وهي تُصَلّى قبل طلوع الشمس؛ فالواجب -إذ كان ذلك مِن جميعهم إجماعًا- أن تكون صلاة الطرف الآخر: المغربَ؛ لأنها تُصَلّى بعد غروب الشمس، ولو كان واجبًا أن يكون مرادًا بصلاة أحد الطرفين قبل غروب الشمس وجَب أن يكون مرادًا بصلاة الطرف الآخر بعد طلوعها، وذلك ما لا نعلم قائلًا قاله، إلا مَن قال: عُنِيَ بذلك: صلاة الظهر والعصر. وذلك قولٌ لا يُخِيل فساده، لأنهما إلى أن يكونا جميعًا من صلاة أحد الطرفين أقرب منهما إلى أن يكونا من صلاة طرفي النهار، وذلك أنّ الظهر لا شك أنها تُصَلّى بعد مُضِيِّ نصف النهار في النصف الثاني منه، فمحالٌ أن تكون من طرف النهار الأول، وهي تُصَلّى في طرفه الآخر، فإذ كان لا قائل مِن أهل العلم يقول: عُنيَ بصلاة طرف النهار الأول صلاةٌ بعد طلوع الشمس؛ وجب أن يكون غيرَ جائزٍ أن يقال: عُنيَ بصلاة طرف النهار الآخر صلاةٌ قبل غروبها. وإذا كان ذلك كذلك صحَّ ما قلنا في ذلك من القول، وفسد ما خالفه». ورجَّح ابنُ عطية القول الأول مستندًا إلى العموم، فقال: «والأول أحسن هذه الأقوال عندي، ورجَّح الطبري أنّ الطرفين: الصبح والمغرب، وأنّه الظاهر، إلا أنّ عموم الصلوات الخمس بالآية أولى».