للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٦٦٦٠ - عن سليمان بن مهران الأعمش -من طريق سفيان- {ولذلك خلقهم}، قال: مؤمن وكافر (١). (ز)

٣٦٦٦١ - قال مقاتل بن سليمان: {ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، يعني: للرحمة خلقهم، يعني: الإسلام (٢). (ز)

٣٦٦٦٢ - قال مقاتل بن حيان، في قوله: {ولذلك خلقهم}: وللاختلاف خلقهم (٣). (ز)

٣٦٦٦٣ - عن أشهب، قال: سُئِل مالك [بن أنس] عن قول الله: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}. قال: خلقهم ليكونوا فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير (٤) [٣٣٠٠]. (ز)


[٣٣٠٠] اختُلِف في معنى: {ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} في هذه الآية على قولين: الأول: وللاختلاف خلقهم. الثاني: وللرحمة خلقهم. وفرق ابنُ عطية (٥/ ٣٤) بين قول ابن عباس ومالك وبين قول الحسن، بينما جعلهما ابن جرير قولًا واحدًا.
ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٦٤٠ - ٦٤١) مستندًا إلى دلالة السياق القول الأول، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّ الله -جلَّ ثناؤه- ذَكَر صنفين من خلقه: أحدهما: أهلُ اختلافٍ وباطلٍ، والآخر: أهل حقٍّ. ثم عقَّب ذلك بقوله: {ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، فعمَّ بقوله: {ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} صفة الصِّنفين، فأخبر عن كلِّ فريقٍ منهما أنه مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له. فإن قال قائل: فإن كان تأويل ذلك كما ذَكَرتَ فقد ينبغي أن يكون المختلفون غير ملومين على اختلافهم؛ إذ كان لذلك خلقَهُم ربُّهم، وأن يكون المتمتِّعون هم الملومين؟ قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ، وإنما معنى الكلام: ولا يزال الناس مختلفين بالباطل من أديانهم ومللهم، {إلا مَن رَحِمَ رَبُّكَ} فهداه للحقِّ ولعلمه، وعلى علمه النافذ فيهم قبل أن يخلقهم -أنه يكون فيهم المؤمن والكافر، والشقيُّ والسعيد- خلقهم، فمعنى اللام في قوله: {ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} بمعنى: على، كقولك للرجل: أكرمتك على بِرِّك بي، وأكرمتك لبرِّك بي».ونقل ابنُ عطية عن فرقة أنّ المعنى: «ولشهود اليوم المشهود -المتقدم ذكره- خلقهم». ونقل عن فرقة أخرى: أنّ «» ذلك «إشارة إلى قوله قَبْلُ: {فَمِنهُمْ شَقِيٌّ وسَعِيدٌ}، أي: لهذا خلقهم». ثم استدرك عليهما قائلًا: «وهذان المعنيان وإن صحّا فهذا العَوْدُ المتباعد ليس بجيِّد». وعلَّق على قول مالك: خلقهم ليكون فريق في الجنة، وفريق في السعير. بقوله: «فجاءت الإشارة بـ» ذلك «إلى الأمرين معًا: الاختلاف والرحمة، وقد قاله ابن عباس، واختاره الطبري، ويجيء عليه الضمير في {خَلَقَهُمْ} للصنفين». وعلَّق على قول الحسن: خلقهم للاختلاف. بقوله: «ويعترض هذا بأن يقال: كيف خلقهم للاختلاف؟ وهل معنى الاختلاف هو المقصود بِخَلْقِهم؟ فالوجه في الانفصال أن نقول: إنّ قاعدة الشرع أنّ الله - عز وجل - خلق خلقًا للسعادة وخلقًا للشقاوة، ثم يسَّر كُلًّا لِما خُلِق له، وهذا نصٌّ في الحديث الصحيح، وجعل بعد ذلك الاختلاف في الدين على الحق هو أمارة الشقاوة، وبه تعلَّق العقاب، فيصح أن يحمل قوله هنا: وللاختلاف خلقهم. أي: لثمرة الاختلاف وما يكون عنه من الشقاوة».
وعلَّق ابنُ كثير (٧/ ٤٩٠) على القول الثاني بقوله: «ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى: {وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ}» [الذاريات: ٥٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>