ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٦٤٧) مستندًا إلى الإجماع القول الأول، وعلَّل ذلك بقوله: «لإجماع الحجة من أهل التأويل على أنّ ذلك تأويله». وكذا رجَّحه ابنُ كثير (٧/ ٤٩١) مستندًا إلى السياق، فقال: «والصحيح: في هذه السورة المشتملة على قصص الأنبياء، وكيف نجّاهم الله والمؤمنين بهم وأهلك الكافرين، جاءك فيها قصص حق، ونبأ صدق، وموعظة يرتدع بها الكافرون، وذكرى يَتَوَقَّر بها المؤمنون». وذكر ابنُ عطية (٥/ ٣٦) أنّ السورة وصَفَتْ بأنّ ما تضمنته هو موعظة وذكرى للمؤمنين، وأنّ هذا يؤيد أن لفظة {الحَقُّ} إنما تختص بما تضمنت من وعيد للكفرة. ثم أورد ابنُ جرير اعتراضًا، ودفعه، فقال: «فإن قال قائل: أولم يجئْ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - الحقُّ من سور القرآن إلا في هذه السورة، فيقال: وجاءك في هذه السورة الحقُّ؟ قيل له: بلى، قد جاءه فيها كلِّها. فإن قال: فما وجْه خصوصه إذن في هذه السورة بقوله: {وجاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ}؟ قيل: إن معنى الكلام: وجاءك في هذه السورة الحقُّ، مع ما جاءك في سائر سور القرآن، أو إلى ما جاءك من الحق في سائر سور القرآن، لا أنّ معناه: وجاءك في هذه السورة الحقُّ، دون سائر سور القرآن». وعلَّق ابنُ عطية على القول الأول بقوله: «ووجْه تخصيص هذه السورة بوصفها بـ {الحَقُّ} -والقرآن كلُّه حقٌّ-: أنّ ذلك يتضمن معنى الوعيد للكفرة، والتنبيه للناظر، أي: جاءك في هذه السورة الحق الذي أصاب الأمم الظالمة. وهذا كما يقال عند الشدائد: جاءَ الحقُّ. وإن كان الحقُّ يأتي في غير شِدَّة وغير ما وجْه ولا يستعمل في ذلك: جاء الحق».