وقد رجّح ابنُ جرير (١٣/ ٤٩) مستندًا إلى السياق القول الأول، فقال: «وأولى هذه الأقوال بالصواب قولُ مَن قال: وأَسَرَّ واردُ القوم المُدْلِي دلَوه ومَن مَعَه من أصحابه مِن رفقته السيارة أمرَ يوسف أنّهم اشتروه خِيفَةً منهم أن يَسْتَشْرِكوهم، وقالوا لهم: هو بضاعة أبْضَعَها معنا أهلُ الماء. وذلك أنّه عَقِيب الخبر عنه، فلأن يكون ما ولِيَه من الخبر خبرًا عنه أشبه مِن أن يكون خبرًا عمَّن هو بالخبر عنه غير متصل». وبنحوه قال ابنُ عطية (٥/ ٥٩ - ٦٠): «ظاهِر الآيات أنّه لِوارد الماء. قاله مجاهد». ثم وجّه معنى قوله: {والله عليم بما يعملون} على القول الأول والثاني، فقال: «وقوله: {والله عليم بما يعملون} إن كانت الضمائر لإخوة يوسف ففي ذلك تَوَعُّد، وإن كانت الضمائر للوارِدِين ففي ذلك تنبيه على إرادة الله تعالى ليوسف، وسوق الأقدار بحسب بناء حاله، فهو حينئذٍ بمعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يدبِّر ابنُ آدم والقضاءُ يَضْحَكُ»».