للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٣٧١ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة-، بنحوه (١). (ز)

٣٧٣٧٢ - قال مقاتل بن سليمان: قال يوسف: ألا أُخْبِرُكما بأعجبَ مِن الرُّؤيا التي رأيتما، {قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله}: إلا أخبرتكما بألوانه قبل أن يأتيكما الطعام. فقالوا ليوسف: إنّما يعلم هذا الكَهَنَةُ، والسَّحَرَةُ، وأنت لست في هيئة ذلك. فقال يوسف لهما: {ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم} أولئك الكهنة، والسحرة، يعني: أهل مصر {لا يؤمنون بالله} يعني: لا يُصَدِّقون بتوحيد الله، ولا بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، {وهم بالآخرة هم كافرون} (٢). (ز)

٣٧٣٧٣ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- في قوله: {لا يأتيكما طعام ترزقانه}، قال: كَرِه العبارةَ كُلَّها، فأجابهما بغير جوابهما؛ لِيُريَهما أنّ عنده عِلْمًا، وكان المَلِك إذا أراد قتل إنسان صنع له طعامًا معلومًا، فأرسل به إليه، فقال يوسف: {لا يأتيكما طعام ترزقانه} إلى قوله: {يشكرون}. فلم يَدَعْه صاحبُ الرؤيا حتى يَعبُر لهما، فكرِهَ العبارة، فقال: {يا صاحبى السجن ءأرباب} إلى قوله: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}. قال: فلم يدعاه، فعَبَّر لهما (٣) [٣٣٦٣]. (٨/ ٢٥٣)


[٣٣٦٣] اختُلِف هل كان الطعام الذي يأتيهما في اليقظة أم المنام؟ وأثَر ابن جريج مصرِّح بأنه في اليقظة، وهو ما علَّق عليه ابنُ جرير (١٣/ ١٦٢) بقوله: «وعلى هذا التأويل الذي تأوله ابن جريج فقوله: {لا يأتيكما طعام ترزقانه} في اليقظة، لا في النوم. وإنّما أعلمهما على هذا القول أنّ عنده علم ما يَؤُول إليه أمرُ الطعام الذي يأتيهما مِن عند الملك ومِن عند غيره؛ لأنّه قد علم النوع الذي إذا أتاهما كان علامةً لقتل مَن أتاه ذلك منهما، والنوع الذي إذا أتاه كان علامةً لغير ذلك، فأخبرهما أنّه عنده علم ذلك».
وعلَّق عليه ابنُ عطية (٥/ ٨٨ بتصرف) بقوله: «فعلى هذا إنّما أعْلَمَهم بأنّه يعلم مُغَيَّبات لا تعلق لها برؤيا. وقصد بذلك أحد وجهين: الأول: تَنسِيَتَهما أمرَ تعبيرِ ما سألا عنه؛ إذ في ذلك النذارة بقتل أحدهما. الثاني: الطماعية في إيمانهما. ليأخذ المقتول بحظِّه من الإيمان، وتسلم له آخرته. ثم قال:» وهذا على ما رُوِي مِن أنّه نُبِّئ في السجن، فإخباره كإخبار عيسى - عليه السلام -".
وانتقد ما جاء مِن أنّ إرسال الملك للطعام يؤذن بقتل المرسَل إليه مستندًا لدلالة اللفظ، وعدم الدليل النقليّ، فقال: «وهذا كله لا يقتضيه اللفظ، ولا ينهض به إسناد».
وانتقده ابنُ كثير (٤/ ٣٩٠ دار طيبة) قولَ ابن جريج مستندًا للسياق، فقال: «وفي هذا الذي قاله نظر؛ لأنّه قد وعدهما أولًا بتعبيرها، ولكن جعل سؤالهما له على وجه التعظيم والاحترام وُصْلَةً وسببًا إلى دعائهما إلى التوحيد والإسلام، لما رأى في سجيتهما مِن قبول الخير، والإقبال عليه، والإنصات إليه، ولهذا لَمّا فرغ مِن دعوتهما شرع في تعبير رؤياهما، مِن غير تكرار سؤال».

<<  <  ج: ص:  >  >>