ونقل ابنُ عطية (٥/ ١١٣) احتمالًا رابعًا أنّه قيل: إنّ يوسف - عليه السلام - فعل ذلك ليجعلها توطئة لجعل السقاية في رحل أخيه بعد ذلك، لِيُبَيِّن أنه لم يسرق لِمَن يتأمل القصة. وانتقد الاحتمال الثالث مستندًا للسياق، والدلالة العقلية، فقال: «وهذا ضعيف من وجوه، وسرورهم بالبضاعة وقولهم: {هذه بضاعتنا ردت إلينا} يكشف أنّ يوسف - عليه السلام - لم يقصد هذا، وإنما قصد أن يستميلهم ويصلهم فيرغبهم في نفسه كالذي كان. وخص البضاعة بعينها دون أن يعطيهم غيرها من الأموال لأنها أوقع في نفوسهم، إذ يعرفون حلها، وماله هو إنما كان عندهم مالًا مجهول الحال، غايته أن يستجاز على نحو استجازتهم قبول الميرة». ثم قال: «ويظهر أنّ ما فعل يوسف من صلتهم، وجبرهم في تلك الشدة كان واجبًا عليه، إذ هو ملك عدل، وهم أهل إيمان ونبوة». ثم رجَّح أنّه أراد استمالتهم وصلتهم، فقال: «والظاهر من القِصَّة أنه إنما أراد الاستئلاف، وصلة الرَّحِم».