للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لهم: {اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون} إلَيَّ (١). (٨/ ١٩٤)

٣٧٦٨٩ - قال مقاتل بن سليمان: {لَعَلَّهُمْ} يعني: لكي {يَرْجِعُونَ} إلينا، فلا يحبسهم عَنّا حبس الدَّراهم إذا رُدَّت إليهم؛ لأنهم كانوا أهل ماشية (٢). (ز)

٣٧٦٩٠ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- في قوله: {لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون}، قال: ثُمَّ خرجوا حتى قدموا على أبيهم، وكان منزل يعقوب وبنيه -فيما ذكر لي بعضُ أهل العلم- بالعَرَبات، من أرض فلسطين بِغَور الشام. وبعضٌ يقول: بالأَوْلاج، من ناحية شعب أسفل من حِسْمى (٣). وكان صاحبَ بادية، له بها شاءٌ وإبِل (٤) [٣٣٩٥]. (٨/ ٢٨٥)


[٣٣٩٥] ذكر ابنُ جرير (١٣/ ٢٢٨ - ٢٢٩) أنّ العِلَّة التي من أجلها أمر يوسف فتيانه أن يجعلوا بضاعة إخوته في رحالهم تحتمل ثلاثة احتمالات: الأول: ما ذكره الكلبيُّ مِن خشيته أن لا يكون عند أبيه دراهم، فيضر أخذ ذلك منهم به، وأحب أن يرجع إليه. الثاني: أنّه أراد أن يَتَّسع بها أبوه وإخوته مع حاجتهم إليه، فردَّه عليهم مِن حيث لا يعلمون تكرُّمًا وتفضُّلًا. الثالث: أن يتحرجوا مِن أخذ الطعام بلا ثمن فيكون ذلك أدعى لهم إلى العوْد.
ونقل ابنُ عطية (٥/ ١١٣) احتمالًا رابعًا أنّه قيل: إنّ يوسف - عليه السلام - فعل ذلك ليجعلها توطئة لجعل السقاية في رحل أخيه بعد ذلك، لِيُبَيِّن أنه لم يسرق لِمَن يتأمل القصة.
وانتقد الاحتمال الثالث مستندًا للسياق، والدلالة العقلية، فقال: «وهذا ضعيف من وجوه، وسرورهم بالبضاعة وقولهم: {هذه بضاعتنا ردت إلينا} يكشف أنّ يوسف - عليه السلام - لم يقصد هذا، وإنما قصد أن يستميلهم ويصلهم فيرغبهم في نفسه كالذي كان. وخص البضاعة بعينها دون أن يعطيهم غيرها من الأموال لأنها أوقع في نفوسهم، إذ يعرفون حلها، وماله هو إنما كان عندهم مالًا مجهول الحال، غايته أن يستجاز على نحو استجازتهم قبول الميرة». ثم قال: «ويظهر أنّ ما فعل يوسف من صلتهم، وجبرهم في تلك الشدة كان واجبًا عليه، إذ هو ملك عدل، وهم أهل إيمان ونبوة».
ثم رجَّح أنّه أراد استمالتهم وصلتهم، فقال: «والظاهر من القِصَّة أنه إنما أراد الاستئلاف، وصلة الرَّحِم».

<<  <  ج: ص:  >  >>