وقد رجّح ابنُ جرير (١٣/ ٣٣٦ - ٢٤١ بتصرف) العموم، فقال: "وأمّا قوله: {لولا أن تفندون} فإنه يعني: لولا أن تعنفوني، وتعجزوني، وتلوموني، وتكذبوني، ومنه قول الشاعر: يا صاحبي دعا لومي وتفنيدي فليس ما فات من أمري بمردود ويقال: أفند فلانًا الدهر، وذلك إذا أفسده «. ثم ذكر اختلاف السلف في هذا، ثم قال مستندًا إلى اللغة:» وقد بَيَّنّا أنّ أصل التفنيد: الإفساد، وإذا كان ذلك كذلك فالضعف والهرم والكذب وذهاب العقل وكل معاني الإفساد تدخل في التفنيد؛ لأنّ أصل ذلك كله الفساد، والفساد في الجسم: الهرم وذهاب العقل، والضعف، وفي الفعل الكذب، واللوم بالباطل، ولذلك قال جرير بن عطية: يا عاذلي دعا الملام وأَقْصِرا طال الهوى وأَطَلْتُما التَّفْنِيدا يعني: الملامة، فقد تبين إذ كان الأمرُ على ما وصفنا أنّ الأقوال التي قالها مَن ذكرنا قوله في قوله: {لولا أن تفندون} على اختلاف عباراتهم عن تأويله متقاربة المعاني، محتمل جميعها ظاهر التنزيل، إذ لم يكن في الآية دليل على أنه معني به بعض ذلك دون بعض". وبنحوه رجح ابنُ عطية (٥/ ١٤٨ - ١٤٩)، وأضاف: «والتفنيد يقع إما لجهل المُفَنَّد، وإما لِهَوًى غلبه، وإما لكذبه، وإما لضعفه وعجزه لذهاب عقله وهرمه، فلهذا فسّر الناس التفنيد في هذه الآية بهذه المعاني، ومنه قوله - عليه السلام -: «أو هرمًا مفندًا»». ثم ذكر أقوال السلف، ثم قال: «والذي يشبه أن تفنيدهم ليعقوب إنما كان لأنهم كانوا يعتقدون أن هواه قد غلبه في جانب يوسف».