وقد رجّح ابنُ جرير (١٣/ ٣٥١) القول الأول، وانتقد الثاني مستندًا إلى ظاهر ترتيب الكلام في الآية، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله السدي، وهو أنّ يوسف قال ذلك لأبويه ومَن معهما مِن أولادهما وأهاليهم قبل دخولهم مصر حين تلقاهم؛ لأنّ ذلك في ظاهر التنزيل كذلك، فلا دلالة تدل على صحة ما قال ابن جريج، ولا وجه لتقديم شيء من كتاب الله عن موضعه أو تأخيره عن مكانه إلا بحجة واضحة». وانتقد ابنُ عطية (٥/ ١٥٢) قول ابن جريج بقوله: «وفي هذا التأويل ضعف». ولم يذكر مستندًا. ووافقهما ابنُ كثير (٨/ ٧٣)، وانتقد القول الأول أيضًا مستندًا إلى الدلالة العقلية، والنظائر، فقال: «وفي هذا نظر أيضًا؛ لأن الإيواء إنما يكون في المنزل، كقوله: {آوى إليه أخاه} وفي الحديث: «من آوى محدثا»». ثم قال: «وما المانع أن يكون قال لهم بعدما دخلوا عليه وآواهم إليه: {ادخلوا مصر} وضمَّنه: اسكنوا مصر {إن شاء الله آمنين} أي: مما كنتم فيه من الجهد والقحط». وقال ابنُ القيم (٢/ ٧٦): «لعلَّه إنما قالها عند تلقيه لهم، ويكون دخولهم عليه في منزل اللقاء، فقال لهم حينئذ: {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} فهذا محتمل. وإن كان إنما قال لهم ذلك بعد دخولهم عليه في دار مملكته فالمعنى: ادخلوها دخول استيطان واستقرار آمنين إن شاء الله».