وقال ابن عطية (١/ ١٦٨): «قال قوم: معنى الآية: ونحن لو جعلتنا في الأرض واستخلفتنا نسبح بحمدك. وهذا أيضًا حسن مع التعجب والاستعظام في قولهم: أتَجْعَلُ». [١٤٣] رَجَّحَ ابن جرير (١/ ٤٩٨ - ٥٠١) بدلالة ظاهر الآية، ونظائرها أن الله - عز وجل - أخبر الملائكة بأن ذرية خليفته في الأرض يفسدون فيها، ويسفكون فيها الدماء. وأنّ قول الملائكة له: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} استخبارٌ منها لربها، لا إنكار منها لما أعلمها ربها أنه فاعل. وقال (١/ ٥٠٠ - ٥٠١): «فإن قال قائل: فإن كان أوْلى التأويلات بالآية هو ما ذكرت، من أنّ الله أخبر الملائكة بأن ذرية آدم خليفته في الأرض يفسدون فيها، ويسفكون فيها الدماء، فمن أجل ذلك قالت الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها}، فأين ذكر إخبار الله إياهم في كتابه بذلك؟ قيل له: اكتفى بدلالة ما قد ظهر من الكلام عليه عنه، فقوله: {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها}؛ لِما كان فيه دلالة على ما تُرِك ذِكْرُه بعد قوله: {إني جاعل في الأرض خليفة} من الخبر عَمّا يكون من إفساد ذريته في الأرض، اكتفى بدلالته، وحذف وترك ذِكْرَه، ونظائر ذلك في القرآن، وأشعار العرب، وكلامها أكثر من أن يحصى». وانتقد ابن جرير (١/ ٥٠٠) ما سوى ذلك بقوله: «وإنما تركنا القول بالذي رواه الضحاك عن ابن عباس، ووافقه عليه الربيع بن أنس، وبالذي قاله ابن زيد في تأويل ذلك؛ لأنه لا خبر عندنا بالذي قالوه من وجه يقطع مجيئه العذر، ويلزم سامعه به الحجة، والخبر عما مضى وما قد سلف، لا يدرك علم صحته إلا بمجيئه مجيئًا يمتنع معه التَّشاغُب والتَّواطُؤ، ويستحيل معه الكذبُ والخطأُ والسَّهْوُ، وليس ذلك بموجود كذلك فيما حكاه الضحاك عن ابن عباس، ووافقه عليه الربيع، ولا فيما قاله ابن زيد».