للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لك، ولا لقومك، ولكن لك أعِنَّةَ الخيل». قال: فاجعل لي الوَبَرَ (١)، ولك المدَرُ (٢) فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا». فلما قَفّى مِن عنده قال: لَأَمْلَأَنَّها عليكَ خيلًا ورجالًا. قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «يمنعُك الله». فلما خرج أرْبَدُ وعامرٌ قال عامرٌ: يا أرْبَدُ، إنِّي سأُلْهِي محمدًا عنك بالحديث، فاضربه بالسيف؛ فإنّ الناس إذا قتلتَ محمدًا لم يزيدوا على أن يَرْضَوا بالدِّيَة، ويكرهوا الحرب، فسَنُعْطِيهم الدِّيَة. فقال أرْبَدُ: أفعل. فأقبلا راجِعَيْن، فقال عامرٌ: يا محمدُ، قُم معي أكلمك. فقام معه، فخليا إلى الجدار، ووقف معه عامرٌ يكلِّمه، وسلَّ أرْبَدُ السيف، فلمّا وضع يده على سيفه يَبِستْ على قائم السيف، فلم يستطع سلَّ سيفه، وأبطأ أرْبَدُ على عامر بالضرب، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى أرْبَدَ وما يصنع، فانصرف عنهما، وقال عامرٌ لأَرْبَدَ: ما لَكَ حُشِمْتَ (٣)؟. قال: وضعتُ يدي على قائم السيف، فيَبِسَتْ. فلما خرج عامرٌ وأَرْبَدُ مِن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كانا بحرَّة -حرَّةِ واقمٍ- نزلا، فخرج إليهما سعدُ بن معاذ وأسيد بن حضير، فقال: اشخصا، يا عدُوَّي الله، لعنكما الله. وقع بهما، فقال عامرٌ: مَن هذا، يا سعدُ؟ فقال سعدٌ: هذا أُسيدُ بن حُضَيْر الكَتائِبِ (٤). قال: أما -والله- إن كان حُضيرٌ صديقًا لي. حتى إذا كانا بالرَّقَمِ (٥) أرسل الله على أرْبَد صاعقةً، فقتلته، وخرج عامرٌ حتى إذا كان بالجَرِيب (٦) أرسل الله عليه قَرْحةً، فأدركه الموت؛ فأنزل الله: {الله يعلمُ ما تحملُ كل أنثى} إلى قوله: {له معقباتٌ من بين يديه ومنْ خلفه}. قال: المعقِّبات مِن أمر الله يحفظون محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. ثم ذكر أرْبَد وما قتله، فقال: {هو الذي يريكُمُ البرقَ} إلى قوله: {وهو شديدُ المحالِ} (٧). (٨/ ٣٨١ - ٣٨٣)


(١) الوبر: صوف الإبل والأرانب ونحوها، عنى به أهل البوادي؛ لأن بيوتهم يتخذونها من وبر الإبل. لسان العرب (وبر).
(٢) المدر: قِطع الطين اليابس، عنى به المدن أو الحضر؛ لأن مبانيها إنما هي بالمدر. لسان العرب (مدر).
(٣) حُشمت: من الحِشْمَة، وهي الانقباض. لسان العرب (حشم).
(٤) وحضيرُ الكتائب من سادات العرب، وكان فارس الأوس في حروبهم مع الخزرج. ينظر: أسد الغابة ١/ ١١١، وسير أعلام النبلاء ١/ ٣٤٠، وتاج العروس (حضر).
(٥) الرَّقَم: موضع بالمدينة تنسب إليه الرّقميّات. وقيل: جبال دون مكة بديار غطفان، وماء عندها أيضًا. معجم البلدان ٢/ ٨٠١.
(٦) الجَرِيبُ: اسم وادٍ عظيم يصب في بطن الرُّمَّة من أرض نجد. معجم البلدان ٢/ ١٣١.
(٧) أخرجه الطبراني ١٠/ ٣١٢ (١٠٧٦٠) واللفظ له، وأبو نعيم في الدلائل ص ٢٠٦ - ٢٠٨ (١٥٧) دون ذكر الآيات.
وقال الهيثمي في المجمع ٧/ ٤١ - ٤٢ (١١٠٩١): «رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، ... وفي إسنادهما عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف».

<<  <  ج: ص:  >  >>