للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد نزل بكم مِن العذاب والبلاء ما قد ترون، فهلُمَّ فلنصبر، فلعلَّ الصبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. فأَجْمَعُوا رأيهم على الصبر. قال: فتَصَبَّروا، فطال صبرُهم، ثم جزعوا، فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص}، أي: مَنجًى (١). (ز)

٣٩٦٠٠ - عن زيد بن أسلم، في قوله: {سواءٌ علينا أجزعنا أمْ صبرْنا}، قال: جزِعُوا مائة سنةٍ، وصبرُوا مائة سنةٍ (٢). (٨/ ٥٠٦)

٣٩٦٠١ - قال مقاتل بن سليمان: {سواء علينا} ذلك أنّ أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا نجزع مِن العذاب لعلَّ ربنا يرحمنا. فجزعوا مقدار خمسمائة عام، فلم يُغنِ عنهم الجزعُ شيئًا. ثم قالوا: تعالوا نصبر، لعلَّ الله يرحمنا. فصبروا مقدار خمسمائة عام، فلم يُغْنِ عنهم الصبرُ شيئًا. فقالوا عند ذلك: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} مِن مهرب عنها (٣). (ز)

٣٩٦٠٢ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في الآية، قال: إنّ أهل النار قال بعضُهم لبعضٍ: تعالوا نبكي ونتَضَرَّعُ إلى الله، فإنّما أدرك أهلُ الجنةِ الجنةَ ببكائهم وتضرُّعِهم إلى الله. فبَكَوا، فلمّا رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالَوْا نصبرْ، فإنّما أدرك أهلُ الجنةِ الجنةَ بالصبر. فصبرُوا صبرًا لم يُرَ مثلُه، فلم ينفعهم ذلك. فعند ذلك قالوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} (٤) [٣٥٥٣]. (٨/ ٥٠٦)


[٣٥٥٣] علَّق ابنُ عطية (٥/ ٢٣٨) على قول محمد بن كعب القرظي، وابن زيد بقوله: «وظاهر الآية أنهم يقولونها في موقف العرض وقتَ البروز بين يدي الله».
وعلَّق ابنُ كثير (٨/ ١٩١ - ١٩٢) على قول ابن زيد بقوله: «والظاهر أنّ هذه المراجعة في النار بعد دخولهم إليها، كما قال تعالى: {وإذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا مِنَ النّارِ * قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُلٌّ فِيها إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبادِ} [غافر: ٤٧ - ٤٨]، وقال تعالى: {قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ فِي النّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتّى إذا ادّارَكُوا فِيها جَمِيعًا قالَتْ أُخْراهُمْ لأولاهُمْ رَبَّنا هَؤُلاءِ أضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذابًا ضِعْفًا مِنَ النّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولَكِنْ لا تَعْلَمُونَ * وقالَتْ أُولاهُمْ لأخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِن فَضْلٍ فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف: ٣٨ - ٣٩]، وقال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أطَعْنا اللَّهَ وأَطَعْنا الرَّسُولا * وقالُوا رَبَّنا إنّا أطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا فَأَضَلُّونا السَّبِيلا * رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العَذابِ والعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: ٦٦ - ٦٨]، وأمّا تخاصمهم في المحشر فقال تعالى: {ولَوْ تَرى إذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ * قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الهُدى بَعْدَ إذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنَّهارِ إذْ تَأْمُرُونَنا أنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ونَجْعَلَ لَهُ أنْدادًا وأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا العَذابَ وجَعَلْنا الأغْلالَ فِي أعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلا ما كانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: ٣١ - ٣٣]».

<<  <  ج: ص:  >  >>